الصنارة

ضحايا البيئة في لبنان!
سوزان أبو سعيد ضو
مع استمرار التعديات البيئية المتتابعة والمزمنة التي تطاوله جوا وبحرا وبرا، يواجه لبنان مصيرا مجهولا يحتمل كافة السيناريوهات، خصوصا وأن حجم هذه التعديات تجاوزت قدرة الطبيعة على استعادة توازنها وإصلاح الضرر الحاصل، وفق آلية تتجدد معها فيما لو توقفت التعديات، فالطبيعة تظل قادرة في حدود كبيرة على "مسامحتنا" فتعوض ما خسرت وتستعيد وهج تألقها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، وما يمكن اعتباره ضحايا الإعتداءات البيئية على البشر وغيرهم من الكائنات الحية بصورة غير مباشرة، فالأنهر بجريانها الطبيعي عادة ما تنظف ما يعلق بها من ترسبات وأوساخ، ولكن عندما تصبح كمية النفايات الصلبة والسائلة في الأنهر كبيرة، تتجمع معظم النفايات في الأماكن الراكدة ما يشكل بؤرة للتلوث وتكاثر الحشرات والأوبئة، كما تقضي على أعداد وأنواع كبيرة من الحيوانات، كما تصل معظم النفايات إلى البحر، ومن جهة ثانية فالتربة وما عليها من نباتات وحيوانات إضافة إلى العوامل الجوية، لديها القدرة إلى حد كبير على تحليل المواد العضوية وتفتيت الكثير من المواد الأخرى، إلا أن المعادن الثقيلة وغيرها من المبيدات والسماد الكيميائي تبقى آثار منها في التربة، وتتسرب إلى أجساد البشر والحيوانات عبر السلسلة الغذائية أو بشكل مباشر، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة قد تكون وخيمة على صحتنا وصحة الكائنات التي تشاركنا مدانا الحيوي، وهذا المثالان يختزلان ما يطاول البيئة في كل فضائها.
أما مؤخرا، فقد أصبح ضحايا الإعتداءات على البيئة في لبنان، من مصدر مباشر، فإطلاق النار على المعتصمين والمحتجين على المجمع الصناعي لـ "إسمنت الأرز" في بلدة عين دارة، هو تعد واضح، فاضح، صريح ومتعمد، بالمقابل فالإعتداء على الناشط رولان نصور منسق "الحفاظ على مرج بسري" ومن الناشطين في الحملة ضد إنشاء مشروع سد بسري ثم محاولة اختطافه وإصابته برضوض وقطع جزء من أذنه، هو اعتداء واضح صريح ومتعمد.
وفي المحصلة، فإن التعديات البيئية المختلفة والكثيرة والمزمنة، تجعل كل لبناني بغض النظر عن عمره، مستواه الثقافي والفكري والعلمي والإقتصادي عرضة ليكون ضحية للبيئة سواء بصورة مباشرة كانت أو غير مباشرة، ما يدعو إلى ضرورة دق ناقوس الخطر ورفع الصوت عاليا، لتبدأ المحاسبة وعلى كافة المستويات ابتداء من الجاني المباشر، إلى المحرض الرئيسي، وضرورة معاقبة كل معتد مهما علا شأنه.