يوم المحيطات العالمي... والإدارة المستدامة!

مشاركة


البيئة بحار ومحيطات

خاص Elissar News

       كان من المفترض أن نسمي كوكبنا كوكب المحيطات، لا كوكب الأرض، فالمحيطات تغطي أكثر من 70 بالمئة من مساحة الأرض، وهي تحتوي حوالي 320 مليون ميل مكعب (1.35 مليار متر مكعب) من المياه، أي ما يقرب من 97 في المئة من إمدادات المياه على الأرض، والماء في المحيطات يحتوي حوالي 3.5 في المئة من الملح وعلى آثار من جميع العناصر الكيميائية الموجودة على الأرض.

كما تتحكم هذه المسطحات المائية بالمناخ، فهي تمتص حرارة الشمس وتحولها إلى الغلاف الجوي وتوزعها حول العالم عبر تيارات المحيط التي تتحرك باستمرار، هذا يساهم بالتحكم بأنماط الطقس العالمية ويعمل بمثابة سخان في فصل الشتاء وكمكيف الهواء في فصل الصيف، فضلا عن مساهماتها الإقتصادية الكبيرة، ولكن هذه المحيطات تواجه العديد من التحديات، وقد عينت الأمم المتحدة يوم 8 حزيران/يونيو كيوم المحيطات العالمي، لمواجهة المخاطر التي تواجهها هذه المحيطات وخصوصا تلك التي من تأثير الإنسان وأهمها البلاستيك.

قصة صورة

ونشرت الأمم المتحدة على صفحتها الرئيسية صورة ملتقطة من قبل المصور من المملكة المتحدة سعيد رشيد لسلحفاة من نوع hawksbill turtle، وقد ابتلعت كيس من البلاستيك من المرجح أنها اعتقدت أنه قنديل بحر، ونتيجة لذلك لم تستطع تناول الطعام، وقال رشيد في مقالة حول هذا الأمر: "خلال سباحتي وانا أمارس التصوير، التقيت بزوج من السلاحف ذكرا وأنثى، وكانا يتناولان غذاءهما من قناديل البحر، ولاحظت أن الأنثى لا تتناول الطعام، ووجدت كيسا من البلاستيك يتدلى من فمها، وحاولت انتزاعه، ولكن كان يبدو أنه عالق، ولكنها سمحت لي في النهاية بانتزاع الكيس، وتوجهت فورا نحو كيس آخر يطفو على سطح البحر، ظنا منه أنه قنديل بحر، فعمدت إلى سحبه، وتوجهت بعدها لتناول قناديل البحر"، وأضاف رشيد: "لقد كنت واعيا لمخاطر البلاستيك إلا أن هذا الحدث وهذا اللقاء، فتحا عينيّ على حجم هذه المشكلة".

وفي الواقع فإن العديد من الكائنات البحرية والطيور تلقى حتفها نتيجة الجوع بعد ابتلاعها كميات كبيرة من البلاستيك، وهو ما شهدناه مؤخرا بصورة أكبر، ولكن المعضلة الأكبر هي أن البلاستيك يغزو كافة المسطحات المائية والشواطئ، وخير دليل هو  Great Pacific garbage patch والتي تعتبر لدى البعض القارة السابعة البلاستيكية.

لذا كان شعار هذا العام ليوم المحيطات العالمي في الأمم المتحدة، هو التركيز على حلول ناجعة والحد من مشكلة التلوث البلاستيكي لمحيطات سليمة، على شكل العديد من النشاطات حول العالم، خصوصا لجهة التوعية في استعمال البلاستيك، خصوصا الذي يستخدم لمرة واحدة مثل الأكياس والقش البلاستيكي للمشروبات وغيرها.

اقتصاديا

يعتمد المليارات من الناس في كافة أنحاء العالم - خاصة أفقر دول العالم - على المحيطات لتوفير فرص العمل والغذاء، مما يؤكد الحاجة الملحة إلى الاستخدام المستدام لهذا المورد الطبيعي وحمايته.

ووفقا لـ "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" The Organisation for Economic Co-operation and Development والمعروفة اختصارا باسم  OECD، تساهم المحيطات بمبلغ 1.5 تريليون دولار سنويا في القيمة المضافة للاقتصاد الكلي، وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة FAO إلى أن مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية تضمن سبل العيش لما بين 10 و 12 في المئة من سكان العالم وأكثر من 90 في الماة من العاملين في المصايد الطبيعية العاملة في العمليات الصغيرة في البلدان النامية. وفي عام 2014 ، أنتجت مصايد الأسماك ما يقرب من 167 مليون طن من الأسماك وحققت ما يزيد عن 148 مليار دولار من الصادرات ، بينما ضمنت الحصول على التغذية لمليارات من الناس وتمثل 17 في المئة من إجمالي البروتين الحيواني العالمي وأكثر من هذه النسبة في البلدان الفقيرة.

وتعتبر المحيطات والسواحل والنظم الإيكولوجية للمياه العذبة السليمة أمرا حاسما للنمو الاقتصادي والإنتاج الغذائي، ولكنها أيضا أساسية في الجهود العالمية للتخفيف من تغير المناخ. وتقوم أحواض "الكربون الأزرق" مثل أشجار المانغروف وغيرها من موائل المحيطات النباتية باحتجاز 25 بالمئة من ثاني أوكسيد الكربون الإضافي الناتج من الوقود الأحفوري (البترول والغاز والفحم)، كما تساهم بحماية المجتمعات الساحلية من الفيضانات والعواصف. وفي المقابل، يسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات والكربون الجوي في تحمض المحيطات الذي يهدد توازن وإنتاجية المحيطات.

وفي حين أن موارد المحيطات لديها القدرة على تعزيز النمو والثروة، فقد أثر النشاط البشري على صحة المحيطات. وتدهورت المخزونات السمكية إلى حد كبير بسبب الإفراط في الصيد - فازدادت نسب صيد الأسماك خارج المستويات المستدامة بيولوجيا biologically sustainable levels أي زيادة نسب الصيد عن قدرة التكاثر لدى الأسماك، من 10 في المئة في عام 1974 إلى 32 في المئة في عام 2013، بينما في نفس العام تم استغلال 57 في المئة تقريبا من الأرصدة السمكية استغلالا كاملا. وتتأثر الأرصدة السمكية بالصيد غير المشروع، الذي قد يصل إلى 26 مليون طن سنويا أو أكثر من 15 في المئة. في الواقع ، تهدر إدارة مصايد الأسماك الفقيرة ما يقرب من 80 مليار دولار سنويا من الإمكانات الاقتصادية و11 في المئة من إمكانات الصيد. وتتعرض موائل الأسماك أيضا لضغط من التلوث، والتنمية الساحلية ، وممارسات الصيد المدمرة التي تقوض جهود إعادة تأهيل تجمعات الأسماك.

وبالعودة إلى البلاستيك، فكل عام يدخل ما يقدر بنحو 8 ملايين طن من البلاستيك إلى المحيطات، وتصبح الجزيئات الصغيرة جزءا من السلسلة الغذائية. يقدر العلماء أنه بدون اتخاذ إجراءات عاجلة ، يمكن أن يكون هناك المزيد من البلاستيك أكثر من الأسماك في المحيطات بحلول عام 2050، كما سبق وذكرناه في مقالة في يوم البيئة العالمي، وعلى الرغم من كونها قضية معقدة، فهي تمثل تحديا قابلا للحل، خصوصا وأن 80 في المئة منها مصدرها النفايات التي تصب في المحيطات عبر المجاري المائية ومكبات النفايات، وذلك بالإدارة المستدامة للنفايات الصلبة على اليابسة، وهو ما نأمله في العديد من البلدان ومنها لبنان.

ويتمحور هدف التنمية المستدامة 14 أو (SDG) 14 الذي أقرته الأمم المتحدة في "مؤتمر الأطراف" the Conference of the Parties في باريس أو COP21 حول العمل على حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام.

 

 

المصادر: National Geographic، World Oceans Day، Un World Oceans Day ووكالات.

لرابط الفيديو: https://youtu.be/2p3nNOWMy9A







مقالات ذات صلة