دراسة حديثة: نصف السلاحف البحرية الصغيرة النافقة في أستراليا تحتوي البلاستيك
Elissar News
رصد وترجمة: Elissar News
منذ قرنين من الزمان ، قُدر عدد السلاحف البحرية في البحر الكاريبي بعشرات الملايين، في حين قُدرت أعدادها في الآونة الأخيرة بعشرات الآلاف، وهناك العديد من الأسباب لنفوق السلاحف، ولكن لوحظ أن الحيوانات البحرية من العوالق المتناهية في الصغر إلى الحيتان تستهلك البلاستيك بانتظام خصوصا وأن حوالي 10 مليون طن منه ينتهي بها المطاف في البحر كل عام، ومن الجدير ذكره أن السلاحف كانت بعض المخلوقات الأولى التي لوحظ استهلاكها للبلاستيك، مع وجود تقارير عن وجود أكياس بلاستيك في جهازها الهضمي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي.
وعلى الرغم من الاهتمام الذي تلقته مشكلة البلاستيك في المحيط، لا يزال هناك القليل جداً من المعلومات عن التأثير الكلي للبلاستيك على حيوانات المحيطات، كما أن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن البلاستيك يمكن أن يرشّح موادا كيميائية سامة في محيطه، على الرغم من أن تأثير ذلك على الحيوانات لا يزال إلى حد كبير متوقعا إنما غير مفهوم تماما.
وفي هذا المجال أورد موقع "الإندبندنت" The independentمقالا، حول دراسة أسترالية حديثة نشرت في دورية "ناتشر" Nature العلمية العريقة يوم الخميس الماضي تحت عنوان "تحليل كمي يربط بين نفوق السلاحف واستهلاك بقايا البلاستيك"، A quantitative analysis linking sea turtle mortality and plastic debris ingestion.
الدراسة
وقد وجد الفريق العلمي في الدراسة بقيادة الدكتورة بريتا دينيس هارديستي Britta Denise Hardesty من منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية Commonwealth Scientific and Industrial Research Organisation المعروفة اختصارا بـ CSIRO، وبعد فحص بيانات من حوالي 1000 سلاحف نافقة، أن أصغر السلاحف هي الأكثر عرضة للتلوث البلاستيكي.
وذكر في ملخص الدراسة "أن كمية البلاستيك المتعاظمة في المحيط، تؤدي بالسلاحف البحرية في كافة مراحل حياتها إلى ابتلاع بقايا هذه المواد، وقد درسنا العلاقة بين كمية البلاستيك التي ابتلعتها السلاحف وبين نفوقها، واستخدمنا مجموعتين من البيانات، إحداها تعتمد على تشريح 246 سلاحف بحرية والثانية باستخدام 706 سجل مأخوذ من قاعدة بيانات وطنية، وقد وجدنا أن الحيوانات التي تنفق لأسباب معروفة لا علاقة لها بابتلاع البلاستيك، كانت هناك كميات أقل من البلاستيك في أمعائها من تلك التي ماتت لأسباب غير محددة أو بسبب ابتلاع البلاستيك مباشرة (على سبيل المثال عن طريق تأثير البلاستيك على القناة الهضمية وانسدادها gut impaction أو حدوث ثقب perforation في الأمعاء)، وقد وجدنا احتمالاً بنسبة 50 بالمئة من معدل النفوق عندما كان في القناة الهضمية للحيوان 14 قطعة من البلاستيك، وتبين نتائجنا والتقديرات الأخيرة العلاقة الخطيرة بين ابتلاع البلاستيك وآثاره على تعداد السلاحف نتيجة هذا التهديد البيئي".
الفراخ الجديدة
وقد وجد الباحثون أن أكثر هذه السلاحف تأثرا هي الفراخ الجديدة، حيث أكثر من 50 بالمئة منها قد ابتلعت البلاستيك، وتأثر حوالي ربع من اليافعين، مقارنة بحوالي 15 بالمئة من السلاحف البالغة، وقد وجد العلماء أن عدد القطع البلاستيكية في أحشاء هذه الزواحف يتفاوت بشكل كبير من واحد إلى أكثر من 300، وتمكنوا من استنتاج أن السلاحف لديها احتمال بنسبة 50 بالمئة للنفوق بعد استهلاك 14 قطعة من البلاستيك.
وتشير التقديرات وفقا للدراسة إلى أن ما يقرب من 52 بالمئة من كافة السلاحف البحرية قد تبتلع البقايا البلاستيكية وأن هذا الأمر يختلف بشكل كبير بين المناطق، فعلى سبيل المثال، في البرازيل، فإنه لدى 90 بالمئة من السلاحف الصغيرة الخضراء Green sea turtle (وهي إحدى نوعي السلاحف البحرية المتواجدة في لبنان) في جنوب غرب المحيط الأطلسي وفي غرب البحر الأبيض المتوسط 80 بالمئة من سلاحف Loggerhead sea turtle (وهو النوع الثاني الموجود في لبنان) اليافعة أدلة على ابتلاع البلاستيك، وأن 100 بالمئة من السلاحف التي شملتها الدراسة في البرازيل الساحلية قد تناولت البلاستيك. ويمكن أن يحدث ابتلاع البلاستيك في كافة مراحل دورة حياة السلاحف البحرية ولكنها أكثر شيوعا عندما تطفو إلى السطح أو في الصغر".
وتابعت الدراسة: "في حين أن الابتلاع قد يحدث نتيجة للتغذية العشوائية، وهي بكل بساطة وظيفة السلاحف البحرية إذ تبتلع ما تصادفه في بيئتها، تشير التحليلات الأخيرة إلى أن البلاستيك الذي يشبه الغذاء الطبيعي للسلاحف (القناديل البحرية) يبتلع بمعدل أعلى من الأنواع الأخرى، بالإضافة إلى ذلك ، قد يزداد معدل تآكل بقايا البلاستيك عند تعرض الأغذية الطبيعية للخطر أو قلة الغذاء المتوفر، مما يشير إلى تأثير مركب compounding effect، يمكن أن يتراوح بين عدم وجود أي تأثير يذكر، حيث تمر المواد ببساطة عبر الجهاز الهضمي، إلى تأثيرات مميتة ناجمة عن انسداد أو ثقب القناة الهضمية".
التراجع العالمي للسلاحف
ويعد هذا البحث دراسة أخرى توثق التراجع العالمي للسلاحف البحرية وغيرها من أنواع السلاحف البرية Tortoise والتي تلعب أدوارا محورية في تشكيل النظم البيئية العالمية، حيث أن أكثر من 60 بالمئة من أنواعها في العالم إما منقرضة أو تواجه خطر الانقراض.
وقال ميكي آغا Mickey Agha، الباحث في جامعة كاليفورنيا في ديفيس University of California, Davis، والذي ساهم في الدراسة: "يجب أن نأخذ الوقت لفهم السلاحف وتاريخها الطبيعي وأهميتها للبيئة، أو نخاطر بفقدانها إلى واقع جديد لا تتواجد فيه"، وأضاف: "يُشار إلى ذلك باعتباره قاعدة أساسية متغيرة، فالناس الذين ولدوا في عالم بدون أعداد كبيرة من الزواحف الطويلة العمر، مثل السلاحف ، قد يقبلون ذلك كواقع وقاعدة جديدة".
المصادر: The independent، Nature ووكالات.
تصوير: Elissar News