إلى ايمان ابراهيم عبد العال "ليطاني العز رح يرجع"
"إليسار نيوز" – فاديا جمعة
أقول لإيمان إبراهيم عبدالعال، ولجميع المكتوين بنار الألم على نهر مثقل بجراح تنزف بعضا من كوارث وخيبات، كنت حتى الأمس القريب أظن أنني الأكثر ألما وحسرة على الليطاني يوم جلت قبل نحو عام على ضفافه من منبعه إلى المصب، لأعود الى بيتي مثقلة بالصدمات، والوجع ينهش من روحي وعظامي.
في ذلك اليوم التقيت الكثير من الناس الذين شاركوني آلامهم، وشاهدت بأم العين كيف يحاصرهم الموت من كل حدب وصوب، سمعت أنين المرضى، بكاء الثكالى والمفجوعات، والشكاوى والمناشدات من بعض الذين تحولت نعمة الليطاني عندهم إلى نقمة، ورأيت الليطاني مغتصبا مستباحا، ولم أرَ ماء فيه ولا حياة.
جميعهم يا إيمان أرادوا ماء الليطاني العذب النظيف غير الملوث، أرادوا شريانا يغدق عليهم الخير والحياة، ولا شك أن في الماء حياة ولهم الحق فيها.
لكن يا ايمان، وبرغم عظيم آلامهم رأيت في ألمك شيئا إضافيا يوم التقيتك وتعارفنا في مصعد "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني"، يومها شددت على يدي، وقلت لي: "يله تعي معي مش رح نتركه يموت، الليطاني رح يرجع"، وترافقنا الى حيث الاجتماع المنعقد، وكنت اقرأ تعابير وجهك، ردات فعلك واستمع إلى مداخلاتك، فأدركت لحظتها أنك حملت إلى جانب أوجاعنا جميعا "ثقل الأمانة" التي خلفها والدك وافتداها بحياته كرمى للوطن، وان وجعك على الليطاني هو "أبو الاوجاع وأمها".
وبصراحة يا إيمان، وكما يقال الحمل كبير ولا أحسدك، أنت اليومَ أم اليتيم الذي فقد أباه فداء للوطن، والوطن اليوم يتكالب عليه بعض أولاده، أما خلاصنا وخلاص الليطاني وكل لبنان، يكون عندما نجتمع على حبه، وكما وقلتِ والحق معك المطلوب اكتر من حالة طوارئ، صحيح، لكن المطلوب أيضا أن نؤمن بالوطن وننتفض لكرامتنا وكرامته.
وخلاصنا عندما نؤمن بقدرتنا على التغيير وتذليل العقبات، وهنا أستذكر مثالا قيل عن أن والدك يردده، وهو اليوم يمثل أبلغ رسالة لكل المظلومين على امتداد الوجع والليطاني لينتفضوا من أجله: "ليس لأن الأمور صعبة لا نجابهها، بل لأننا لا نجابهها هي صعبة".
وكم أتمنى يا إيمان أن تصل الرسالة.