السدود غير مستدامة بيئيا... والبلاد النامية الضحية الأكبر!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
أشارت دراسة جديدة بعنوان "الطاقة الكهرومائية المستدامة في القرن الواحد والعشرين" Sustainable hydropower in the 21st century إلى أن العديد من مشاريع الطاقة الكهرمائية الكبيرة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية كانت كارثية للبيئة.
وفي هذا المجال، تتم إزالة العشرات من هذه السدود كل عام، مع اعتبار العديد منها ليس خطيرا فحسب بل غير مجدٍ اقتصاديا.
الدول النامية
ووفقا للكاتب مات ماكغراث Matt McGrath "في مقالة تحت عنوان "السدود الكهرومائية الضخمة غير مستدامة بيئيا في الدول النامية، Large hydropower dams \\\ ot sustainable\\\ in the developing world لصالح موقع "بي بي سي" BBC، فإن مؤلفي الدراسة يخشون من أن الطبيعة غير المستدامة لهذا النوع من المشاريع لم يتم الاعتراف بها في العالم النامي، حيث يجري تخطيط آلاف السدود الجديدة للأنهر في أفريقيا وآسيا حاليا.
وتشكل الطاقة الكهرومائية 71 بالمئة من مصادر الطاقة المتجددة في كافة أنحاء العالم وقد لعبت دوراً رئيسياً في تطوير العديد من البلدان.
ولفت الباحثون إلى أن بناء السدود في أوروبا والولايات المتحدة بلغ ذروته في ستينيات القرن الماضي، وبدأ بالإنخفاض منذ ذلك الحين، مع تفكيك المزيد منها الآن، وفي هذا المجال، تساهم الطاقة الكهرومائية بـ 6 بالمئة من مجمل الطاقة الكهربائية في أميركا، وأنه يتم الآن إزالة السدود بمعدل أكثر من واحد في الأسبوع على جانبي المحيط الأطلسي.
آثار بيئية كارثية
المشكلة ، كما يقول مؤلفو هذه الورقة البحثية الجديدة، هي أن الحكومات كانت تعميها فكرة إمكانية الحصول على الكهرباء الرخيصة دون الأخذ بعين الاعتبار التكاليف البيئية والاجتماعية الكاملة لهذه المنشآت.
وأكثر من 90 بالمئة من السدود التي بنيت منذ الثلاثينيات كانت "أغلى" من المتوقع. لقد دمرت بيئة الأنهر، وشردت الملايين، وساهمت في تغير المناخ بإطلاق غازات الدفيئة نتيجة تحلل الأراضي والغابات التي غمرتها الفيضانات.
وقال البروفيسور إميليو موران Emilio Moran من جامعة ولاية ميشيغان Michigan State University لـ "بي بي سي": "إنهم يرسمون صورة وردية عن الفوائد التي لم ولن يتم الوفاء بها، ويتم تجاهل التكاليف التي تنتقل تكلفتها إلى المجتمع في وقت لاحق".
ويستشهد تقريره بمثال لسدين أقيما على نهر ماديرا Madeira River في البرازيل، والتي تم الانتهاء منهما قبل خمس سنوات فقط، ومن المتوقع أن تنتج فقط جزءا من الطاقة المتوقعة بسبب تغير المناخ.
وفي العالم النامي، يتم تشييد الآن ما يقدر بـ 3700 سدا ، منها الكبير والصغير، في مراحل مختلفة من البناء.
ويقول المؤلفون إن "همهم الكبير هو أن العديد من المشاريع الأكبر ستلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بالأنهر الرئيسية التي يتم بناؤها عليها.
ومن المتوقع، أن ينتج مشروع جراند إنغا على نهر الكونغو أكثر من ثلث إجمالي الطاقة الكهربية التي يتم توليدها حاليًا في إفريقيا.
ومع ذلك ، تشير الدراسة الجديدة إلى أن الهدف الرئيسي لتشييد هذا السد بقيمة 80 مليار دولار هو توفير الكهرباء للصناعة.
تدمير سبل عيش السكان
وقال موران: "إن أكثر من 90 بالمئة من الطاقة من هذا المشروع ستذهب إلى جنوب إفريقيا للتعدين ولن يحصل سكان الكونغو على شيء من هذه الطاقة الكهربائية"، وأضاف: "إن خط الكهرباء يمر فوق رؤوس الناس الذين أتابع أمرهم في البرازيل، ويذهب لمسافة 4000 كم خارج المنطقة ولا يتم إعطاء أي من الطاقة الكهربائية محليا"، ولفت إلى أن ""إن الهدف الجميل لتوصيل الكهرباء للمناطق الريفية النائية أصبح مدمراً بالكامل من قبل المصالح الواسعة النطاق التي تدفع لاعتماد هذه التكنولوجيا، والحكومات منفتحة على اقتناعها بأن هذا هو الطريق الذي يجب أن تسلكه."
ويشير التقرير إلى أن المنشآت الكبيرة في هذه الأنهر العظيمة سوف تدمر مصادر الغذاء، حيث من المحتمل أن يتأثر 60 مليون شخص يعيشون خارج مصائد الأسماك على طول نهر ميكونغ Mekong مع احتمال فقدان سبل عيش بقيمة أكبر من ملياري دولار، ويعتقد المؤلفون أيضًا أن السدود ستؤدي إلى تدمير موائل آلاف الأنواع في مناطق التنوع البيولوجي الهامة تلك وستؤدي إلى انقراضها.
وفي البرازيل، التي تحصل على 67 بالمئة من طاقتها الكهربائية من الطاقة الكهرومائية، يتمثل رد الفعل الحكومي على انخفاض نسب المياه بسبب تغير المناخ ببناء مزيد من السدود.
مع انتخاب خاير بولسونارو Jair Bolsonaro في البرازيل، من المرجح أن يتم إلغاء الوقف المؤقت لبناء مشاريع مائية جديدة، وقد وُضعت خططا بالفعل لبناء 60 سداً جديداً.
ويقول الباحثون إنه مع ضغوط هائلة على البلدان للمضي قدمًا في تطوير الطاقة المتجددة، فإن مزيجًا من مصادر الطاقة بما في ذلك الطاقة المائية هو النهج الأكثر استدامة.
وقال موران: "ليس هناك مستقبل كبير للطاقة المائية، وهذا هو استنتاجنا الفج والصادم"، وأضاف: "للحفاظ على الطاقة المائية كجزء من المزيج الطاقوي في القرن 21 يجب علينا الجمع بين مصادر متعددة للطاقة المتجددة".
وأشار إلى أنه: "يجب أن يكون هناك المزيد من الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية، والطاقة المائية عند الاقتضاء - ما دمنا نلتزم بمعايير صارمة تكون فيها تكاليف وفوائد استعمال أي مصدر طاقة منها شفافة حقًا".
وقد نشرت هذه الدراسة في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences. العلمية.