الآثار السلبية للحروب على البيئة
* عودة الكاطع
لا يوجد شيء أشد فظاعة ومرارة من الحروب، لما تتركه من آثار سلبية على التنمية وعلى الانسان والحيوان والنبات من جانب، ومن جانب آخر، فان للحروب آثار سلبية مدمرة على البيئة، وفي هذا المجال لن نبتعد إلى الوراء في سجل الحروب كثيرا، فالحروب التي عصفت بالشرق الاوسط ابتداء من حرب الخليج الأولى، إلى الخريف العربي الذي شكل نوعا جديدا من العبثية والتفنن بتدمير مقدرات الشعوب، واختبار أسلحة جديدة فتاكة وبعضها محرم دوليا ،كالأسلحة الملوثة بمخلفات اليورانيوم والأسلحة الفوسفورية والأسلحة الكيميائية الخ...
كل هذا كان له عواقب وخيمة على البيئة، بداية نعود قليلا إلى حرب الخليج الأولى وما خلفته من آثار، فأولى هذة الآثار تساقط المطر المحمل بالسخام الناجم عن حرق متعمد لآبار النفط الكويتية، التي استخدمها العراقيون كسلاح اقتصادي لإلحاق الأذى بالكويت من جهة، ومن جهة اخرى كسلاح ميداني للتشويش على الصواريخ الذكية التي تستشعر بالحرارة لإصابة الدبابات العراقية، وقد انتقلت آثار هذا التلوث إلى سوريا، فتساقطت هذة الأمطار السوداء في مدينة القامشلي، في أقصى الشمال الشرقي لسوريا، وتضررت المزروعات جراء هذة الامطار وكان هذا عام 1991 إبان اجتياح العراق للكويت.
وفي حرب الخليج الثانية واحتلال العراق، أثارت الآليات العسكرية للتحالف الرمال في الصحراء العراقية، واستمرت هذة الظاهرة من العواصف الرملية لعدة سنوات، وساعد في تشكلها الجفاف الذي ضرب المنطقة مع غياب الغطاء النباتي في الصحراء، وتكمن خطورة هذة العواصف الرملية إنها تأتي من منطقة دارت فيها معارك عنيفة بين التحالف والجيش العراقي، واستخدمت فيها كافة أنواع الاسلحة المحرمة آنفة الذكر، وظهرت نتيجة لذلك حالات سرطانات على نطاق واسع، وأمراض في الجهاز التنفسي، وحالات تشوه لدى المواليد، أي أن جينات شعب باكمله قد تتغير مع الوقت، حيث كان العراقيون في حالات الولادة في المشافي (المستشفيات) يسألون الأطباء بعد وضع الزوجة مولودها عن جنس المولود هل هو ذكر أم انثى، وبعد الحرب أصبح السؤال على الشكل التالي هل المولود سليم ام مشوه، لارتفاع ظاهرة المواليد المشوهة في العراق بعد حرب الخليج الثانية.
ومن جهة أخرى، عندما نتابع الشعب الفيتنامي، والذي لايزال يعاني من تشوهات خلقية للمواليد جراء الحرب، نعلم اننا لا نبالغ في هذا الجانب من الأثر السلبي للحروب.
ومن آثار الحروب أن هاجر المزارعون من قراهم، ومناطق كانت نشطة زراعيا وخضراء، والنتيجة أنه تحولت هذة الاراضي الخضراء إلى صحارى مقفرة ومهجورة، ووفقا للامم المتحد،ة فان سورية قبل "الخريف العربي" (الربيع العربي) لم تكن مصدر للعواصف الرملية، لكنها أصبحث مصدرا لهذ هالعواصف الرملية، لغياب الغطاء النباتي عن مناطق واسعة، بسبب تعثر الزراعة في المناطق الساخنة للحروب، وإذا نظرنا إلى الخارطة المرفقة (نقلا عن موقع DW عربي)، تجد أن الوطن العربي بحسب الالوان الاحمر والاصفر، والتي تشير إلى تحوله إلى بيئة صحراوية، حتى أن افريقيا أصبحت أفضل من الوطن العربي فهي تملك غطاء نباتي واسع، وبيئتها لا زالت بكرا، واللون الازرق على الخارطة يدل على رطوبة، وهذا يمنع تشكل العواصف الرملية .
ومن الآثار السلبية للحروب أن خرجت مؤسسات النفط عن الخدمة في الدول التي ضربها "الخريف العربي" واللجوء إلى طرق بدائية لتكرير النفط الغير معالج كيميائيا، وبالتالي يستخدم هذا الوقود في السيارات دون فصل الرصاص والكبريت، اللذين هما من أشد المواد فتكا، ويستنشقها الانسان والنبات والحيوان، وكدورة غذائية ينتهي إلى الإنسان، ونجم عن ذلك امراض خطرة كثيرة.
أما الأشد رعبا فهو استخدام المناخ نفسه كسلاح، فقد دارت في الأوساط العلمية منذ عدة سنوات أحاديث من هذا القبيل، حيث يرسلون بواسطة هوائيات عديدة، ترددات راديوية ذات تردد عالي إلى الغلاف الجوية، ويتحكمون في إمكانية هطول امطار غزيرة ينجم عنها فيضانات كنوع من الحروب الاقتصادية، أما اذا كانت في الجو غيوم فالمهمة أسهل، حيث تحمل طائرة نترات الفضة ويتم قذفها بين الغيوم، والنتيجة هطول غزير للأمطار، وقد جربت هذه التقنية في حادثة مفاعل تشرنوبل النووي في الاتحاد السوفيتي السابق، للحد من انتشار السحابة النووية إلى مناطق اخرى.
وفي نهاية العام 2018 وإثر توتر العلاقات الروسية الامييكية، صرح خبير روسي أن صاروخا يحمل راسا نوويا، يكفي لتدمير اميركا اذا استهدف به خندق ماريانا، والذي يقع على شواطئ اميركا على عمق 11.6 كم تحت مياه المحيط، وهو جزء من الحزام الناري البركاني، وإذا حدث شيء من هذا القبيل بالفعل، فإن كارثة لا يمكن التنبؤ أو السيطرة على نتائجها ستؤدي ليس إلى الإضرار بالحياة البحرية فحسب، بل بالكوكب ككل.
المخترع : عوده الكاطع- سوريا
ملاحظة: يفتح موقع "إليسار نيوز" أبوابه أمام مشاركات القراء، وتعبر المعلومات والآراء الواردة في المقال عن رأي صاحبها الشخصي، وقد قام فريق التحرير في موقع "إليسار نيوز" بتحرير المقال فحسب، وهو غير مسؤول عن المحتوى أو المعلومات أو أي مواد أخرى أو مصدرها والواردة في المقال.