الطريقة الأكثر فعالية لمعالجة تغير المناخ؟ زرع 1 تريليون شجرة!
متري لـ "إليسار نيوز": 6 آلاف متر مربع من الغابات نخسرها يوميا في لبنان!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
وفقا لدراسة حديثة نسبيا، هناك حوالي 3 تريليونات شجرة على الأرض، إلا أنه بالمقابل هناك مساحة كافية على الكوكب لزراعة 1.2 تريليون إضافي، وأن القيام بزرع هذه المساحات سينعكس إيجابا وبفوائد كبيرة على المدى البعيد لجهة امتصاص ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهو المحرك الرئيسي لتغير المناخ.
فما هي التكنولوجيا المستدامة، وربما الطرق الأكثر فعالية الذي يمكننا القيام به لمكافحة تغير المناخ؟ إن زراعة الأشجار، أو بالأحرى زراعة تريليون من الأشجار هي إحدى هذه الوسائل.
فقد وجد البروفسور توم كراوثر Thomas Crowther، وهو عالم بيئي في مجال التغير المناخي في الجامعة السويسرية ETH Zurich في زيوريخ، وقبل أربع سنوات، أن هناك حوالي 3 تريليونات شجرة بالفعل على الأرض – وهو رقم أعلى بكثير من تقديرات ناسا السابقة البالغة 400 مليار- وحاليا، وحسب فريق الباحثين لديه فإن هناك مساحة كافية على هذا الكوكب لزراعة 1.2 تريليون إضافية.
وفي هذا المجال، قال كراوثر لشبكة CNN "كمية الكربون التي يمكننا استعادتها إذا زرعنا 1.2 تريليون شجرة ، أو سمحنا لهذه الأشجار بالنمو، ستكون أعلى بكثير من أفضل حلول التغير المناخي المختلفة".
وتظهر إحدى الصور المرفقة كثافة الأشجار في العالم والغابات الموجودة باللون الأخضر، والغابات المحتملة باللون الأصفر.
نظرًا لأن بحث كراوثر لا يزال قيد المراجعة حاليًا لنشره في مجلةScience ، يقول كراوشر إنه لا يمكنه مشاركة الأرقام الدقيقة حول مقدار ثاني أوكسيد الكربون الإضافي الذي يمكن أن تخزنه هذه الأشجار، لكنه يشير إلى أرقام من مشروع "دروداون" Project Drawdown- وهي مؤسسة غير ربحية تصنف الحلول المناخية بمقدار ثاني أوكسيد الكربون الذي يمكن إزالتها من الجو- ويمكن أن يؤدي أحد حلولها المقترحة، وهو تنظيم إطلاق غازات الدفيئة HFC من الثلاجات ومكيفات الهواء، إلى تقليل ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي بمقدار 90 مليار طن، يقول كراوثر إن زراعة 1.2 تريليون شجرة من شأنه أن يعطي كميات تفوق هذا الرقم بكثير.
ليمكننا أن نوضح هذا الأمر، فإن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية تبلغ حوالي 37 مليار طن سنويًا.
لكن بينما قد يكون هناك مساحة لتريليون شجرة جديدة، فهل من العملي بالفعل زراعة هذا العدد؟
في هذا المجال، تعتقد إحدى المنظمات البيئية بإمكانية ذلك وتقود منظمة Plant for the Planet (PFTP) التي يقودها شباب وتقوم هذه المنظمة بإدارة حملة "تريليون شجرة" لتنفيذ هذا الأمر.
وقد أنشئت حملة "مليار شجرة" من قبل الأمم المتحدة في عام 2006، وتم تسليمها في وقت لاحق إلى PFTP، والتي زادت من طموحاتها في الزراعة والتشجير استجابة لعمل كراوثر.
وقد تم زرع ما يقرب من 15 مليار شجرة بالفعل، بمساعدة من مختلف الحكومات، بما في ذلك الهند، التي زرعت أكثر من 2 مليار شجرة كجزء من هذه المبادرة.
يقول ساغار أريال Sagar Aryal، رئيس": PFTP أعتقد أن تريليون شجرة قابلة للتحقيق"، وأضاف: "ليس الأمر أنه ليس لدينا ما يكفي من المال في العالم - ربما لا تستطيع الحكومات وحدها أن تفعل ما يكفي، لكن إذا عملنا مع القطاع الخاص، فيمكننا القيام بذلك."
الموقع الصحيح
وكراوثر هو مستشار علمي لـ Plant for the Planet، حيث يزودهم بمعلومات عن أفضل الأماكن لاستعادة الغابات وأماكن التشجير، يقول كراوثر "إن كافة المواقع التي حددها فريقنا تقع على أراض متدهورة ، وليست مناطق زراعية أو حضرية"، وأضاف:"هذه أماكن تم فيها التخلي عنها كمزارع، أو حيث كانت هناك عملية إزالة للغابات وتركت مهجورة وبدون غطاء نباتي"، ويوضح: "لمحاربة تغير المناخ بنجاح، من الضروري استعادة أراض معينة، على سبيل المثال، في أجزاء من شمال أوروبا، يمكن أن يؤدي زرع المزيد من الأشجار إلى تقليل الحرارة والضوء المنعكس من الأرض الثلجية، ويزيد بالفعل الاحترار العالمي".
وأشار إلى أن "بعض مشاريع إعادة التحريج السابقة، استهدفت نظما إيكولوجية للأراضي العشبية والسافانا، والتي تلعب بالفعل دوراً هاماً في تخزين الكربون"، وأضاف: "مثل هذه المخططات غالبًا ما تزرع الأشجار الغريبة، مثل الصنوبر والأوكالبتوس، وهي أشجار قابلة للاشتعال للغاية وذات قيمة لجهة استثمار الأخشاب واللب الخاص بها، ونتيجة لذلك ، يمكن أن يتم فقد الكربون التي تخزنه فوق سطح الأرض بسبب حرائق الغابات أو قطع الأشجار".
وفي هذا المجال، يوافق كراوثر على هذا الأمر، وقال: "كل النماذج التي كانت موجودة في السابق حول المكان الذي يمكن فيه استعادة الغابات تتجاهل ما إذا كان ينبغي القيام بهذه المبادرات هناك"، وأضاف: "نحن لا نأخذ بعين الإعتبار الغابة فحسب، بل الأراضي العشبية والشجيرات كذلك، نوثقها جميعًا لنعرف ما يجب القيام به".
تزايد شعبية التشجير
وغرس الأشجار ليس حلا سريعا لتغير المناخ، فقد يستغرق تخزين الكربون من 30 إلى 40 عامًا للوصول إلى إمكانات هذه الأشجار الكاملة، وقال كروثر: " ما يمكن أن يقدم فائدة إضافية فورية، وكحل سريع هو التوقف عن إزالة الغابات الذي يكلف كوكبنا حوالي 15 مليار شجرة كل عام".
وعلى الرغم من أن غرس الأشجار على هذا النطاق الهائل يواجه تحديات كبيرة (ليس أقلها تحديد من يملك الأرض المعنية، وتأمين حقوق زراعة الأشجار والمحافظة عليها)، إلا أن الجهود واسعة النطاق جارية بالفعل.
فقد أعلنت الحكومة الأسترالية أنها ستزرع مليار شجرة بحلول العام 2030 ؛ ويجري العمل على "الجدار الأخضر الكبير" لوقف انتشار الصحراء في أفريقيا من خلال استعادة 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة (واحتجاز 250 مليون طن من الكربون) ، فضلا عن برنامج الصين لمكافحة التصحر، المعروف أيضًا باسم "الجدار الأخضر العظيم" ، فقد زرعت أكثر من 50 مليار شجرة منذ سبعينيات القرن الماضي، بهدف تحقيق "تحدي بون" Bonn Challenge الذي أقرته الأمم المتحدة ويهدف إلى استصلاح 150 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول العام 2020، فضلا عن إعادة تشجير 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة في العالم بحلول عام 2030.
وقال كراوثر إنه "كان في يوم من الأيام يشك في فوائد زراعة الأشجار، لكنه غير رأيه الآن"، وأضاف: "يُنظر إلى تغير المناخ على أنها قضية ضخمة ومعقدة، كما ينظر إليها على أنها مشكلة شخص آخر، شخص آخر قد يتعامل مع هذا الأمر أو لا يتعامل معه، وليس لدى أي شخص رسالة أو طريقة بسيطة حول كيفية معالجة هذه المشكلة".
وختم كراوثر:"أود أن أؤيد هذا كحل يمكن لأي شخص أن يشارك فيه، إذا شارك الملايين من الأشخاص الذين شاركوا في مسيرات مناخية في الأسابيع الأخيرة في غرس الأشجار، فقد يكون التأثير ضخما".
ماذا عن لبنان؟
وفي هذا المجال، وبما يخص لبنان، قدر الباحث في العلوم البيئية في جامعة البلمند الدكتور جورج متري أن 6000" مترا مربعا (أكثر من نصف هكتار كمعدل) من الغابات تقطع يوميا، وذلك لأغراض مثل شق الطرقات بالأراضي الحرجية، والردميات والكسارات والمرامل، والتمدد العمراني الغير منظم، علما أن هذا الرقم لا يشمل احتساب الأراضي الحرجية والغابات التي تتعرض للحرائق"، وأشار إلى أن "قدرة توسع الغابات لا تعوض الخسارة الدائمة التي تحدث يوميا، خصوصا وأن معظم هذه الأشجار يتجاوز عمرها 25 عاما، ولها قدرة كبيرة على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون من الجو بالإضافة إلى تأمين خدمات بيئية أخرى، لذا لا يمكن التعويض بسهولة وبالسرعة اللازمة الخسائر التي تحدث يوميا"، وحث متري على "ضرورة قيام الجهات المعنية بتدارك الخطر حفاظا على الغابات والأحراج في لبنان"
عن: CNN ، "إليسار نيوز".