طائر البوم عاد إلى غصن كان يسكنه... ليذكرنا بأهمية الأشجار!

مشاركة


البيئة تنوّع بيولوجي

 

رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو

ليس هناك صورة أكثر تعبيرا، من طائر بوم عاد حزينا إلى غصن كان يسكنه، بعد أن تم قطع الشجرة التي كان يعتبرها موطنه، وعاش تظلله أوراقها، وتغذى من الكائنات التي تعيش في مداها الحيوي، كما فقست في عش بناه بين أغصانها صغاره!

وعلى الرغم من أن العلوم مواضيعها جافة بالمجمل، إلا أن عمق النظرة في عيني هذا الطائر، والأسى البادي فيهما، تجعلنا نشعر بحجم هذا الحزن، على "وطن" ومسكن وبقايا عش دمرته الآلة الإستهلاكية البشرية، وتنطبق على موطننا لبنان، وكافة البلدان النامية منها والمتقدمة.

وبالعودة إلى العلم، الذي نعتبره مرجعا، وخشبة خلاص للبشرية والكائنات التي تشاركنا مدانا الحيوي، فإنه من بين المصادر الطبيعية التي تزودنا بالهواء الذي نتنفسه، بينما تساهم المحيطات والمسطحات المائية بـ 70 بالمئة منه، فإن الأوكسجين المتبقي توفره لنا الأشجار، كما أن "بواليع أو مصارف الكربون" carbon sinks الشاسعة المتمثلة بالمحيطات والغابات خصوصا غابات الأمازون المطيرة، وتلك المنتشرة في قصاع العالم، تساهم بالتخفيف من آثار ثاني أوكسيد الكربون فضلا عن كونها توفر الغذاء، والمأوى والمنازل للكثير من المجتمعات حول العالم والموائل لآلاف الأنواع من الكائنات الحية من طيور وحيوانات ونباتات.

للأسف، فإن سعي البشرية لتحقيق التقدم والرقي، والذي يبدو إلى حد كبير مبني على استهلاك أكبر عدد ممكن من موارد الأرض، أحدث خسائر كبيرة على النظم الإيكولوجية الحيوية، فمن بين 7.5 مليار غابة عذراء غطت كوكب الأرض في السابق، فمنذ أن وجدت البشرية، اختفى ما يقارب نصفها، وقد قدرت منظمة "غرينبيس" Greenpeace الدولية أن أسوأ كافة أعمال إزالة الغابات هي تلك التي أحدثها البشر على مدى السنوات العشرة آلاف الماضية، و25 بالمئة منها حدثت خلال العقود الثلاثة الماضية وحدها، نتيجة لذلك، انخفضت أعداد الحياة البرية في الكوكب بنسبة 52 بالمئة على مدار الأربعين عاما الماضية.

وبالنسبة للصورة المعبرة التي وضعناها وحدها لتعبر عن هذا الملف الشائك، فإننا عندما نسعى إلى تحسين نوعية حياتنا من خلال قطع أكبر عدد ممكن من الأشجار كما نقوم باستهلاك كافة ثروات الكوكب، فإننا نميل إلى نسيان أنه بالنسبة للحيوانات التي تعتمد على هذه الأشجار للحصول على القوت - مثل طائر البوم هذا - فهي أكثر من مجرد مواد للإستهلاك، كما أننا نفشل في إدراك أننا بتدمير هذه النظم الإيكولوجية الثمينة التي تحافظ على الحياة، فإننا ندمر أنفسنا في النهاية.

وتتم حوالي 80 بالمئة من إزالة الغابات في غابات الأمازون المطيرة،حيث يتم إزالة ما يقرب من 2000 شجرة كل دقيقة، من أجل إفساح المجال أمام مزارع الأبقار، كما وتتعرض ثاني أكبر غابة مطيرة في العالم، في الكونغو في وسط إفريقيا للتهديد أيضا، نتيجة لقطع الأشجار بهدف التجارة، والزراعة، وشق الطرق، والصراع المدني في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تشتمل هذه الدولة على ثلثي هذه الغابة.

وفي الجهة الأخرى من العالم، تقع غابات أشجار النخيل، التي يصنع منها زيت النخيل، وصناعات قطع الأشجار غير القانونية، التي تدمر الغابات المطيرة الحيوية في إندونيسيا، خصوصا نظام ليوزر البيئي  The Leuser Ecosystem في سومطرة، كما تتعرض غابات هذه المنطقة لحرائق تتهدد المجتمعات المحلية بخطر المشاكل الصحية الخطيرة، وتؤدي إلى دفع الأنواع مثل قردة الأورانجوتان Orangutan، والفيل القزم Pygmy Elephant، ونمر سومطرة Sumatran Tiger نحو الانقراض.

وقد يكون لتدميرنا المنهجي لهذه النظم الإيكولوجية وغيرها من النظم الحرجية في كافة أنحاء العالم عواقب وخيمة على قدرة كوكبنا على الحفاظ على الحياة كما نعرفها، لكن ومن الأهمية بمكان أن نفعل ما بوسعنا لمنع ذلك اليوم. لحسن الحظ ، أصبح العالم يدرك الآن أكثر فأكثر الدور الحيوي الذي تلعبه الأشجار في دعم قدرتنا على الازدهار، فقد نفذت قرية ببلانتري Piplantri في راجستان بالهند، مبادرة زراعة 111 شجرة جديدة كلما ولدت طفلة، وفي الوقت نفسه، استخدم محرك البحث Ecosia إيرادات الإعلانات للمساعدة في زراعة أكثر من 3 ملايين شجرة منذ إنشائه في كانون الأول/ديسمبر 2009.

بتصرف عن One Green Planet







مقالات ذات صلة