قرية بشعله الأولى في لبنان... رائدة بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية!

مشاركة


محطات سياحية

 

 

سوزان أبو سعيد ضو

تجري في دماء معظم اللبنانيين، محبة السفر والمغامرة والتعرف على الحضارات والأمم الأخرى، ويتباهى العديد منا بزياراتهم إلى أطراف العالم السبعة، ولهذا نجد المهاجرين من لبنان في كافة أصقاع الدنيا، ويصل تعداد اللبنانيين في المهجر إلى ضعف المقيمين في لبنان، ولكننا بالمقابل كمواطنين، نسافر للسياحة إلى الخارج، ولم يتمكن معظمنا من التعرف على روعة بلادنا ووطننا "لبنان".

إلى بشعله

وفي هذا السياق، دعت جمعية "شباب من أجل التغيير" Y4C أو Youth For Change موقعنا "إليسار نيوز" وعدد من الإعلاميين إلى يوم بيئي شامل في رحاب بلدة بشعله والقرى المجاورة.

ومن جبيل، انطلقت الحافلة وسط لوحة ساحرة بين أحراج منطقة البترون الخضراء على جانبي الطريق، وصولا إلى بشعله القرية الهانئة التي تعد من قرى الإصطياف الهامة في قضاء البترون، وقبلة سياحية لحقبات تاريخية سابقة راسخة في القدم.

وكانت محطة الوصول الأولى إلى الترويقة القروية التي نظمتها نساء الأخوية، وكانت الموائد عامرة بالمأكولات البلدية ومناقيش الصاج بالصعتر والكشك وزيت الزيتون البلدي وفطائر "البقلة" التقليدية والألبان والأجبان البلدية وخبز الصاج والمشروبات بأنواعها، انتقل بعدها الفريق الإعلامي للمرحلة الثانية من الجولة، برحلة مشي في إحدى دروب المشي السبعة Bchaaleh Trails، وصولا إلى قلعة الحصن الأثرية الواقعة على تلة عالية مشرفة على المناطق المحيطة والتي تعود إلى حضارات قديمة لا زالت في مراحل استكشافها، علما أن هناك العديد من القطع الأثرية التي تم اكتشافها في المنطقة.

هاشتاغ #تنضل_هون

في المحطة الثالثة، كانت استراحة غذاء في منزل رئيس جمعية "شباب من أجل التغيير" جيلبير رزق، وفي ساحة المنزل تم عرض نبذة عن الجمعية وأهدافها خصوصا تثبيت المواطنين في أرضهم وخصوصا الشباب وأطلق هاشتاغ #تنضل_هون، فضلا عن تقديم لرئيس الجمعية التعاونية الزراعية في بشعله جان رزق، ولأبرز المنتجات الزراعية التي عرضت على الإعلاميين لحظة وصولهم إلى استراحة الغداء، وأثنى الجميع على كرم الضيافة.

في المحطة الرابعة، كانت زيارة لسوق دوما الأثري الذي شهد تصوير العديد من الأعمال الفنية المختلفة، ومركز بلدية دوما وهي البلدية الثانية في القدم على مستوى لبنان، وإلى مبنى السينما في البلدة وهو من أقدم دور السينما في لبنان، تبعها زيارة إلى مبنى نادي دوما، وبعدها زيارة إلى الزيتون العتيق في بشعله.

زيتون نوح

       يلقب "زيتون بشعله" بزيتون نوح، فقد دلت الدراسات باستعمال نظير الكربون 14 أو C14 أن عمر أقدم أشجار الزيتون هذه يعود إلى 2045 سنة، ويعتقد أنها الأقدم على مستوى لبنان، وقد أدت السنوات الكثيرة إلى حصول تجاويف في ساقها، استطاعت احتواء المجموعة الإعلامية وعدد من سكان بشعله في صورة واحدة، ولا زالت هذه الأشجار تحمل الأزهار والثمار وقد تم جني الزيتون منها.

       وكانت المحطة الأخيرة في دير مار ضومط وسندياناته المعمرة، وقد تم زرع أشجار أرز من قبل الإعلاميين وسكان البلدة، ورافقهم الأطفال أيضا، وتشاركوا في مشاهدة الغروب الساحر من هذه المنطقة المرتفعة التي يمكن في أيام الصحو مشاهدة شاطئ البحر منها، وعزفت الموسيقى مع تقديم عشاء من قبل بلدية بشعله، وبحضور رئيس البلدية رشيد جعجع، وأفراد من الجمعيات والفعاليات المختلفة وسكان من بشعله، وقد ألقى جعجع كلمة بالمناسبة رحب بها بفعاليات بشعله والإعلام المواكب لهذا اليوم، وعرض لإنجازات البلدية.

جعجع...بشعله خضرا 2030

وقال: بشعله هذه الضيعة المشهورة بزيتونها الأثري: زيتون نوح نحاول بكل الوسائل وضعها على الخارطة السياحية للبنان، وأول  مبدأ عملنا به في المجلس البلدي، هو التعاون مع جميع الأفراد والجمعيات والأحزاب والنوادي في البلدة وخارجها، لإيماننا أن يدا واحدة لا تصفق، وقد نجحنا بهذا التعاون وأثمر عن مشاريع عززت السياحة في القرية، وأعطت نتائج ايجابية على المجتمع المحلي، وكل هذا بالإتفاق على رؤية مستقبلية وخطة عمل استراتيجية لهدف أساسي هو الوصول إلى (بشعله خضرا 2030)".

وتابع جعجع: "أول عمل قمنا به بعد استلام عملنا بالمجلس البلدي، هو إنشاء محطة للطاقة الشمسية وتحويلها إلى طاقة كهربائية، توزع على منازل وإنارة طرق البلدة وذلك من خلال بطاقات مسبقة الدفع عند انقطاع التيار الكهربائي، وبذلك نحد من تلوث الهواء بالغازات المنبعثة من محركات توليد الكهرباء الخاصة (الموتورات) ليصبح هواء بشعله أنظف هواء يتنفسه السائح".

وقال: "ثاني عمل هو التعجيل بمنظومة الصرف الصحي، ومحطة التكرير الخاصة ببشعله، وعندما ينتهي تنفيذ هذا المشروع فسيكون لدينا أرضا نظيفة، ومياه جوفية نقية، وتربة صالحة وصحية لجميع منتوجاتنا وانتاجنا البلدي، يتمنى كل سائح الحصول عليه".

وأضاف جعجع: "عملنا أيضا على تحويل الطريق الرئيسية للبلدة من أمام الزيتون الأثري، وهذا الأمر يساهم بالتخفيف من التلوث السمعي والهوائي الناتج عن محركات السيارات من محيط هذه الأشجار الأثرية، ما يسمح لنا بالقيام بمشروع حماية الزيتون الأثري، ما يعزز السياحة والنشاط الإقتصادي في البلدة".

ولفت جعجع إلى أن "المجلس البلدي يعمل بالتعاون مع مديرية الآثار على مشروع التنقيب في محيط قلعة الحصن الأثرية، والتي تخبئ حجارتها حقيقة تاريخية، نأمل أن نكتشفها في المستقبل والتنقيب عنها، وإعادة بنائها، لنعلنها معلما سياحيا ثانيا في البلدة تستقطب السياح من لبنان والخارج".

دروب بشعله السبعة

كما قال: "أعلننا من سنة افتتاح مشروع دروب بشعله، ما أمن فرص عمل لـ 12 مرشدا سياحيا، واستطاعوا بمجهودهم استقطاب 5 آلاف سائح من لبنان وخارجه، وهذه الدروب وعددها سبعة، تصل الأديرة السبعة المحيطة بالقرية مع القلعة والزيتون الأثري، ما يسمح للسائح بمشاهدة معالم البلدة والوصول إلى السنديان المعمر والزيتون الأثري الذي لا زال يزهر ويثمر وينتج أجود زيتون حتى الآن".

وأشار جعجع إلى المشاريع المستقبلية ومنها ترقيم الشوارع ليتمكن السائح من الوصول و"بكبسة زر" حيث يريد، بالإضافة إلى إنشاء بيوت ضيافة لاستقبال السياح للتعرف على البلدة وتقاليدها وتراثها ومنتجاتها، بالإضافة إلى التشديد على أهمية السياحة الريفية وعلاقتها بالبيئة لجهة البدء بمشروع فرز النفايات من المصدر، وتخفيفها وإعادة تدويرها.

وختم جعجع بدعوة الإعلام إلى "المشاركة في حمل الأمانة، ليصل الصوت، لتتمكن البلدة من تنفيذ هذه المشاريع للوصول لهدف بشعله خضرا 2030".

ومن جهتنا في "إليسار نيوز" وعملا برسالتنا البيئية الإعلامية الشاملة التي نتوجه بها لبلدة بشعله وجميع بلديات لبنان، وللجمعيات الفاعلة مثل "شباب نحو التغيير"، نرفع معهم الصوت عاليا، معتبرين تجربة هذه البلدة لجهة البيئة ليست ناجحة فحسب، بل يمكن اعتمادها كمثل يقتدى به في كافة البلدات في لبنان، علما أن بشعله تتمتع بالكهرباء التي تزود منازلها الـ 250 دون انقطاع 24/24، وبتكلفة لا تتعدى 15 دولارا شهريا لهذه الخدمة، وخالية من المولدات الكهربائية والتلوث الناتج عنها، وقد بدأت خطواتها المستقبلية نحو العام 2030، بترسيخ قواعد العمل البيئي الذي يلتقي مع التنمية الريفية والإقتصاد الدائري السليم والمستدام.

 

 

 







مقالات ذات صلة