فيديو مذهل لـ "فخ التطور القاتل"... قصة علمية إيمائية مبتكرة من #Nature!

مشاركة


البيئة تنوّع بيولوجي

 

 

سوزان أبو سعيد ضو

ليس أقرب من القصص في تقريب الفكرة أو الرسالة أو الهدف أو المصطلحات العلمية إلى قلوب وعقول وخيال الناس، لا سيما الجيل الجديد من طلبة وأطفال، فكيف بالمصطلحات العلمية المعقدة، التي تستعصي على بعض الباحثين والعلماء والمتابعين للعلوم، وعلى سبيل المثال لا الحصر مصطلح "الفخ التطوري"Evolutionary Trap، الذي هو عنوان قصتنا مع فراشات من الغرب الأميركي.

تدور وقائع هذه القصة على مدى عشرات السنين، وفي مروج ولاية نيفادا في الغرب الأميركي، وقد ابتكرت فيها دورية  Natureالعلمية، وبأسلوب إيمائي مستخدمة أيدي ممثلين فيلما مصورا، لشرح هذا المصطلح المبهم وتقريب الأفكار العلمية إلى الجمهور، وبدورنا في "إليسار نيوزhttps://elissarnews.org ، قمنا بترجمة للفيديو المبتكر والمذهل الذي تم تصويره لهذا الهدف، وتم إرفاقه بهذا المقال، على أن يتبعه مقال شامل لهذا الموضوع العلمي الشيق الذي نأمل أن يجذب القراء إلى ما للعلم من بحار واسعة تستحق من المرء خصوصا في عالمنا العربي متابعتها.

قصة الفخ التطوري

هو فخ وضعه البشر، لكنه أدى إلى زوال الآلاف من الفراشات، فماذا حصل؟ وهل يمكن أن يتوقف عن الحدوث مرة أخرى؟

تبدأ قصتنا في مرج في ولاية نيفادا مع فراشة "إديث حجارة الداما" Edith's Chequerspot، واختصارا سنطلق عليها اسم فراشة "إديث"، وهي مثل العديد من الفراشات ، لديها نباتات مفضلة لتضع بيضها عليها، وفي هذا المرج، يُطلق على خيار هذه الفراشات الأول اسم "مريم زرقاء العينين" Blue-eyed Mary، وتضع الفراشات بيوضها في الربيع على هذه النباتات، لتفقس اليرقات بعد اسبوعين، لتبدأ اليرقات الجائعة بالتغذي بنهم، وقبل أن تموت هذه النباتات، تدخل اليرقات في فترة سبات، وحتى الربيع التالي، حيث تبدأ نباتات "مريم زرقاء العينين" بالنمو، لتصحو اليرقات من سباتها العميق، وتبدأ بالتغذي من جديد على النباتات المفضلة لديها، وتبدأ ببناء شرانقها لتظهر أخيرا... كفراشات.

وهذه الدورة مستمرة منذ أجيال، حتى أحضر البشر ماشيتهم إلى المرج، ومع الأبقار أتت نباتات غازية تسمى بالعربية نبتة "لسان الحمل" Ribwort Plantain، الذي يبقى صيفا ولا يموت كما نباتات "ماري زرقاء العينين"، لذا فاليرقات التي تفقس على "لسان الحمل"، لديها وقت أطول لتتغذى وقبل دخول حالة السبات، ما ساعد المزيد منها على البقاء على قيد الحياة إلى مرحلة البلوغ.

وما هو أكثر من ذلك، ومع مرور الوقت، فإن الفراشة الأم بدأت بتفضيل "لسان الحمل" لوضع بيوضها، ويبدو أن هذا التفضيل قد انتقل إلى يرقاتها، وبالتالي إلى الفراشات التي فقست تاليا، ما أدى إلى "فخ تطوري"، وتدريجيا أصبحت كل الفراشات تعتمد على نبات "لسان الحمل"، وتخلت تماما عن نبات "ماري زرقاء العينين"، وقد ازدهرت الفراشات لفترة من الوقت ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، حتى العام 2005، وذلك عندما ترك مربو الماشية مع قطعانهم المرج.

تسلسل الأحداث

بدون الأبقار، نمت الحشائش بسرعة، وغمرت نباتات "لسان الحمل"، وأخفتها عن الفراشات، وبدون "لسان الحمل" لوضع بيضها عليها، تراجعت أعدادها، وكونها لم تعد للتكيف

بسرعة كافية للعودة إلى نبتة "ماري زرقاء العينين"، في غضون عام نفقت "ماتت" جميعا.

ولمدة أربع سنوات لم يكن هناك المزيد من فراشات "إديث" في المرج، لكن لم تكن تلك النهاية، فلحسن الحظ، انتقلت الفراشات من المروج الأخرى، التي لم تتخل عن "ماري زرقاء العينين"، وبدأت أعدادها تتعافى، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل هذا النوع من الفخ التطوري، ولكن للأسف وفي كافة أنحاء العالم، يمكن بالفعل إيجاد المزيد من أمثلة الفخاخ المشابهة التي تؤدي إلى نفوق وموت وانقراض الكائنات الحية.

وعادة ما يبحث المحافظون على البيئة عن المشاكل عند وصول البشر، لكن هذا الفخ يتميز بأنه انتشر عندما غادر الناس، ولكن من المهم أن نتذكر أن البشر يقومون بتغييرات سريعة، بالمقابل فتطور الكائنات الحية يحتاج إلى وقت أطول لتستجيب، ويأمل الباحثون من قصة فراشة "إديث" أن تكون بمثابة تحذير لأفخاخ تطور مماثلة حول العالم.

 







مقالات ذات صلة