Human Rights Watch...لا حل سريعا لأزمة النفايات في لبنان!
"إليسار نيوز" Elissar News
ذكرت "هيومن رايتس ووتش" Human Rights Watch اليوم على موقعها الخاص إن اللجنة الوزارية اللبنانية المكلفة بحل أزمة النفايات الطارئة في لبنان لم تتحرك حتى الآن، على الرغم من أن أزمة النفايات المستمرة منذ 4 أشهر في الشمال، أدت إلى تراكم النفايات في الشوارع، والحرق للنفايات في الهواء الطلق ما يتسبب بأضرار جمة.
ومع عدم تحرك الحكومة المركزية، تقدم وزير البيئة فادي جريصاتي بحل قصير الأجل، لكنه بالمقابل أثار غضبا شعبيا، لذا فعلى اللجنة الوزارية أن تدرس فورا خارطة الطريق التي قدمتها وزارة البيئة في 3 حزيران/يونيو 2019، والتي تهدف إلى تطبيق قانون إدارة النفايات الصلبة الجديد، بالإضافة إلى تقديم مسودة نهائية إلى مجلس الوزراء، بهدف حماية حق كل فرد في الصحة".
ومن جهتها، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش لما فقيه: "كان لدى الحكومة أربعة أشهر لإيجاد حل لأزمة النفايات في الشمال، لكنها لا تزال تماطل وتعتمد أنصاف الحلول وتدابير مؤقتة، ما يجعل السكان في الشمال يدفعون ثمن فشل الحكومة المستمر في مجال إدارة أزمة النفايات في البلاد".
في 5 نيسان/أبريل، قام مالك مكب "عدوي" المكشوف وغير المنظم، والذي تستخدمه أقضية المنية، الضنية، والكورة، وزغرتا وبشري منذ 17 عاما، بإغلاقه.
وقد ذكرت عدة وسائل إعلام محلية، أن بعض السكان في الشمال يقومون بحرق النفايات المتراكمة على الأرصفة وقد أدى هذا الأمر إلى إغلاق الشوارع في بعض الحالات، على الرغم أن هذه الممارسة غير قانونية، وهذا ما يعرض صحة نحو 330 ألف شخص للخطر، وقد ذكرت وسائل إعلام أن امرأة مسنة أصيبت بالإغماء نتيجة استنشاق الدخان الناجم عن حرق النفايات في بلدة سير الضنية.
وقد وجد تحقيق أجرته "هيومن رايتس ووتش" في العام 2017، أن حرق النفايات كان يهدد صحة السكان المجاورين، وقد أبلغ السكان المجاورين لهذه المكبات، عن مشاكل صحية تشمل مرض الانسداد الرئوي المزمن، والسعال، وتهيج الحلق، وأمراض الجلد والربو، كما تبين وجود صلة بين تلوث الهواء الناتج عن حرق النفايات في الهواء الطلق وأمراض القلب وانتفاخ الرئة، ويمكن أن يعرض هذا التلوث الناس لمواد مسرطنة.
في ظل أي تحرك من جانب الحكومة المركزية، أعلن وزير البيئة في 6 آب/أغسطس أنه ستتم إزالة النفايات من الشوارع وتخزينها في موقع مؤقت "parking"، حتى يتم الاتفاق على موقع مطمر صحي جديد.
علما أن وزير البيئة لم يعلن عن الموقع المقترح، لكن النائب في البرلمان طوني فرنجية عن زغرتا، قال لوسائل الإعلام المحلية إن الموقع في بلدة تربل في قضاء المنية-الضنية، وقد اعترض السكان المحليون على هذه الخطة، قائلين إنها ستكون "كارثة بيئية" وإنهم "لن يقبلوا بإنشاء مكب على حساب صحة السكان".
وقد وصف مسؤول بوزارة البيئة، خارطة الطريق المقترحة، بأنها خطوة نحو تنفيذ الاستراتيجية الوطنية التي كلفت وزارة البيئة بوضعها بموجب القانون رقم 80/2018 بشأن الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، الذي أُقِر في 24 أيلول/سبتمبر من العام 2018، على الرغم أنه كان ينبغي اعتماد الاستراتيجية في آذار/مارس، وأشار المسؤول في الوزارة إن الخطة لا تزال قيد المراجعة، تماشيا مع مراجعات من جماعات المجتمع المدني، والجهات المعنية الأخرى، ومن المتوقع إرسالها إلى مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الحالي.
ومن النقاط في خطة الطريق المقترحة توسيع مطمر برج حمود في بيروت، وتتضمن أيضا خارطة لـ 24 موقعا آخر مقترحا، لمطامر صحية جديدة في كافة أنحاء البلاد، ولكن لم تخضع هذه المواقع جميعا لتقييم الأثر البيئي المطلوب، وفي حالة واحدة على الأقل، تم إجراء تقييم قبل أكثر من عشر سنوات، إلا أنه بموجب القانون اللبناني، يسري مفعول التقييم عامين، بعد ذلك يجب على وزارة البيئة النظر فيما إذا كان هناك أي تغييرات على أرض الواقع تستدعي إجراء تقييم جديد.
وتابعت "هيومن رايتس ووتش" إنه "على مجلس الوزراء عدم الموافقة على توسعة مطامر النفايات أو إنشاء مطامر جديدة دون التأكد أولا من إجراء التقييمات البيئية الملائمة".
كما تتضمن خارطة الطريق مشروع قانون يحدد الرسوم والضرائب التي يمكن فرضها من قبل الحكومة المركزية والبلديات لتغطية تكاليف إدارة النفايات الخاصة بها، وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه بدون مثل هذا القانون، لن تكون الوزارة ولا البلديات قادرة على الوفاء بمسؤولياتها بموجب القانون والاستراتيجية.
أما البلديات خارج بيروت وجبل لبنان فيجب أن تكون مسؤولة عن جمع نفاياتها ومعالجتها والتخلص منها، كما أنه من المفترض أن تحصل البلديات على جزء من تمويلها من "صندوق بلدي مستقل" تموله الضرائب التي تجمعها الحكومة المركزية، مع ذلك، كانت المدفوعات غير منتظمة وتأخرت عدة سنوات عن الجدول الزمني المحدد، وقال صاحب مكب عدوي لـ "هيومن رايتس ووتش" إن السبب الرئيسي لقراره إغلاق مكب النفايات هو عدم تسديد البلديات للمستحقات المترتبة عليها.
قال سكان من أنحاء لبنان لـ "هيومن رايتس ووتش" إنهم فقدوا الثقة في قدرة الحكومة على إدارة النفايات بطريقة لا تضر بصحتهم وبيئتهم، فمنذ بداية أزمة النفايات، أي في العام 2015، عندما تراكمت خلالها النفايات في شوارع بيروت، اعتمدت الحكومة تدابير وإصلاحات مؤقتة لا تحل المشاكل الكامنة والشاملة لإدارة النفايات في لبنان، وتذهب حوالي 85 بالمئة من نفايات لبنان إلى مكبات مفتوحة أو مطامر، ولكن وجد باحثون من الجامعة الأميركية في بيروت أن بين 10 و12 بالمئة فقط من النفايات لا يمكن تسبيخها أو إعادة تدويرها.
ومع اقتراب مطامر بيروت بسرعة إلى سعتها القصوى، فعلى اللجنة الوزارية مراجعة خارطة الطريق والإستراتيجية بشكل طارئ، واعتماد نهج متكامل لإدارة النفايات الصلبة يقلل من اعتماد لبنان على المطامر، ويمنح البلديات الموارد التي تحتاج إليها لأداء واجباتها، كما من المفترض أن تتوافق أي خطة تقدم إلى مجلس الوزراء، لأفضل الممارسات البيئية والصحية العامة بالإضافة إلى القانون اللبناني والقانون الدولي، كما ينبغي أن تتضمن الخطة احترام السلطات لحق كل فرد في الصحة، والعيش في بيئة صحية، وأن يكون كل شخص مطلعا بالكامل على المخاطر التي تهدد صحته في منطقته.
بمجرد أن تقدم اللجنة الوزارية خريطة الطريق والاستراتيجية إلى مجلس الوزراء، على مجلس الوزراء الاجتماع بشكل عاجل واتخاذ القرارات اللازمة، علما أن مجلس الوزراء لم يجتمع منذ أكثر من شهر بسبب المأزق السياسي الناجم عن خلافات بين حزبين، وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه على الحكومة ألا تسمح لأي نزاع سياسي بعرقلة عملها، وتعريض صحة ملايين السكان للخطر.
كما أكدت "هيومن رايتس ووتش" على ضرورة مباشرة وزارة البيئة وبأقصى سرعة في مراقبة الامتثال لقانون إدارة النفايات الصلبة والتأكد من معاقبة المخالفين بشكل مناسب وإحالة القضايا إلى المدعين العامين البيئيين المعنيين.
وقالت لما فقيه "سكان لبنان لهم الحق في بيئة صحية، مع ذلك، لطالما تقاعست الحكومة اللبنانية عن الوفاء بالتزاماتها الدولية لحماية هذا الحق، إن أراد لبنان تجنب كارثة نفايات أخرى في الأسابيع القليلة المقبلة، على اللجنة الوزارية التحرك بسرعة".
بتصرف عن موقع Human Rights Watch