مبدع من لبنان... الدكتور والسفير والفنان سهيل ماضي دخل موسوعة غينيس لأكبر جدارية!
*حياة جابر علي أحمد
بفخر واعتزاز كنت أقرأ عنه ... ولم اكن اتوقع ان التقي به يوما، فهو رحالة يجوب الكون، عبقري جديد مبدع من جنوب لبنان النابض، من شبعا الصامدة، دخل موسوعة " غينيس " للأرقام القياسية في العام 2012، لأكبر جدارية في العالم ( 1884 متر مربع ) ...
وأول عربي رسم في قصر الامبراطور نابليون الثالث، في مدينة بياريتز بجنوب فرنسا عام 2005، رسم جداريات فكتورية، وقام بترخيم أعمدة القصر والأقواس والجدران ورمم جداريات عمرها 112 سنة،كّرمَ يومها وأُطلق عليه لقب ( Global Artist ) وبرز اسمه ليحمل لقب "الفنان الكوني".
"أنا ابن شبعا الجنوب الصامد، هويتي لبنان، والدماء تجري جنوبية، من مواليد 1953" قال، إنه الفنان المبدع المهندس، السفير، الدكتور سهيل ماضي.
هو خريج هندسة كهربائية توتر عالي، ارتبط اسمه بالابداع لأنه : فنان تشكيلي، ومخرج، وكاريكاريست، استاذ يُعلم في مدارس الفن التشكيلي، ومواكب لأنظمة التصميم والطباعة والنشر، ومستشار فني، ومصمم لملصقات عدة ومختلف الاعلانات، ومشارك في ندوات متواصلة، وأمسيات، ولقاءات، والعديد من الحوارات والمقابلات في الإعلام والصحافة ( منها هبة الله القواضمة الأديبة الصحافية من لبنان)، كما حصد الكثير من الشهادات والدروع والتكريمات في العالم.
وكان اللقاء معه، في حفل " قناديل الوطن " الذي اقيم في جمعية تقدم المراة بالتعاون مع منتدى الفنان الجنوبي بمناسبة عيد الجيش، شارك فيه "السهيل" وفنانون عربا من مختلف البلدان، ضمن فعاليات المهرجان الدولي للرسم المباشر للطبيعة في لبنان، والذي عاد ريع بيع اللوحات الى عوائل شهداء الجيش اللبناني.
يقول المبدع سهيل أنه ابتدأ باكرا في الحادية عشرة من عمره، عندما ربح الجائزة الاولى في مسابقة للرسم على تلفزيون لبنان، في برنامج لتحفيز الابداع والمواهب للفنانين المحترفين تحت عنوان "السجل المفتوح"، واللوحة التي فاز بها بالبرنامج ورسمها كانت عبارة عن ورقة رسم يمسح بها الريشة.
وقال:"في البداية رفضوا اشتراكي لصغر سني، لان شروط المسابقة لأعمار المبدعين والمحترفين هو 18 عاما وما فوق وعندما شاهدوا اللوحة اعجبوا برسمي وفكرتي، بكيت حينها ولم اتمالك نفسي حتى هدّأت من روعي السيدة ليلى رستم وعادل مالك مقدما البرنامج، اشتغلت بعدها على نفسي، وفي سن الـ 18 من عمري تركت الوطن لأفتش عن ضالتي: اللوحات التي ارسم "....
والفنان سهيل ماضي مستقر في دبي منذ 43 عاما، وانتخب سفيرا للنوايا الحسنة لـ"ذوي الاحتياجات الخاصة والتوحد"، وبكل معرض يشترك به او مزاد علني يدخله، يقدم ريع لوحاته للجمعيات الانسانية، اما عن علاقته بالمرأة، فهو يقول :علاقتي بها وطيدة جدا، أراها في وجداني، فكل لوحة من لوحاتي تخاطبها، وأعمالي تحاكي المجتمع، فهي الوجود والصمود والوطن الصغير، أتينا جميعنا إلى الدنيا من أحشاء إمراة، وهي التي تربي الأجيال وتزرع فيهم المستقبل لنخدم اوطاننا وشعوبنا، إنني اطالب بحقوقها ، فالغرب ساواها بالرجل، وكم أتمنى على المسؤولين أن يشعروا، ويكرموها، ويعترفوا أنهم خلقوا من أرحام امهاتهم، الكتب المقدسة كرمتها وخصّتها في (سورة مريم) و (سورة النساء)، أوليست هي أُم البشر، والجنة تحت اقدام الامهات؟؟ يتحدثون اليوم في لبنان عن كوتة نسائية، ودور المرأة في الوزارات، ولكن للاسف، نجد للرجل بصمته في افكارها وتطلعاتها، يحدد لها المطلوب، ما زلنا نشهد ونلمس آراء الرجل الشرقي في طموحات المرأة، وليس لدينا لغاية اليوم من نطلق عليهن (النساء الرائدات)... وإني أقول(التي هزت السرير بيمينها، هي ذاتها التي تهز العالم بيسارها مطالبة بحقوقها "......
وتعبيرا عن حبه لها، كرّمها، ورسم بريشة صغيرة أول جدارية مسطحة، على أرضية
إترنيت متعرجة، على سطوح أبراج دبي، أسماها : "قافلة النساء" على مساحة 1884 مترا مربعا، تم افتتاحها بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، الذي اعتبر جدارية النساء مَعلماً سياحياً مُهماَ في دبي، ودولة الامارات العربية المتحدة، لا يستطيع أحد تصويرها ورؤيتها سوى من الطائرات المروحية، والأبراج المجاورة الشهيرة، جدارية أخذت معه 100 ساعة عمل تحت الشمس والهواء والغبار والرطوبة، وفرح جدا عندما أُتيحت له الفرصة لرسم جدارية لسمو ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم،
وعن الاعمال التي قدمها للبشرية يقول : " رسمت 3200 ( portraits ) و 462 جدارية، و 842 لوحة زيتية، وغليغرافيك آيات قرآنية ثلاثيات الابعاد، وأكريليك، وجداريات زيتية عديدة متنوعة، وأعمل على ترميم اللوحات القديمة والتي تجاوز عمرها الفني بين500و 1000 عام،كما قدمتُ لوطني جداريات الطابع اللبناني القديم، والبريد الجوي، وفئة 5 قروش، ومعبد باخوس في بعلبك، وقصر بيت الدين، والتلفريك في بداياته، وبيبلوس القديمة، وحين كُرّمتُ قدمتُ جدارية للقصر البلدي بعنوان (عودة الجياد) ولماذا هذا الاسم !!.. لأننا جميعنا جياد هذا الوطن، والعائد يجب أن يعود منتصرا بالإنجازات ، مرفوع الرأس، رسمتهم خارج الوطن طيلة 16 سنة فترة الحرب"، يصمت لحظة، وبحزن يضيف : رسمت قضية: ألواني فيها الذخيرة، والقماشة أرض المعركة، وضربة ريشتي هي الصرخة، ومعارضي كلها كانت خارج الوطن تعبر عن معاناته وتاريخه وتراثه، ورغم اغترابي فجميع لوحاتي تحكي بلدي ، لبنان بقي في الوجدان والذاكرة، لبنان الأخضر، المستقر، والمستقل، حرمونا نعمة العيش ببلدنا، أنا وصلت إلى قناعة أن الريشة لن توصل إحساسي مباشرة للقماشة الخام التي أرسم عليها، فقررت أن تكون يدي اليسرى هي لوحة الألوان (palette) وأصابعي اليمنى هي الريشة، وهكذا فإحساسي يلاصق اللوحة ويحييها، حتى الالوان أنا أطبخها بيدي، الريشة والألوان لغة تواصل مع لغات العالم، لو رسمت شجرة مثلا، تُفهم بكل لغات الشعوب ..هل رأيت بالفن من يعلق لغته على الحائط؟ كلنا نرى من أصغر دائرة في العين، رؤيتي بالبصر والبصيرة، تلامس الجسد والروح" ......
يأخذ نفسا عميقا، ويضيف: "طلابي من كل دول العالم، تعلمت من خلالهم 6 لغات، يعلمونني اللغة وأعلمهم الرسم اثناء الكورس، لعدم قدرتهم على نطق لغاتنا، لا أُقيّم الفن بالجنسية أو المذهب أو اللون أو العمر، أحد طلابي برع باكرا، كان يبلغ 12 عاما عندما حمل قلم رصاص، وكان يبكي عندما قابلني، الفن التشكيلي يجمع الحضارات والثقافات والجنسيات ويقرب المسافة ويلغي الحواجز، انا اعترف بأن المجنون له حكمته، فقط الاهبل لا اعترف به، أتبنى من أرى عنده رغبة وشغف بالرسم، المادة عندي آخر الاعتبارات، وإلا لرأيتني أملك ابراجا، وثروتي حب الناس وثقافات شعوب امتلكتها، لا أملك سوى منزل متواضع في بلدتي، امتلكته كي اعود، ولكنني لا زلت لا استطيع ان استوطن بلدي واعيش فيه،
ومن يعيش في الخارج وعينه على الداخل، يرى كيف يتقاتلون لأجل الكراسي، وكيف يورثه الآباء لابنائه، هم ليسوا فنانين في فن التشكيل، بل في فن التنكيل، الاعلام والاغتراب جعلنا نرى الحقائق، الفن الصادق بعيد جدا عن السياسة لا يخادع، والسياسة تخلق العصبيات والانتقاص والقتل، علينا أن ننظف أخلاقنا ، ضمائرنا وقلوبنا، بيوتنا، أفكارنا، حتى ينظف البلد، نحن نموت كبشر، ولكن الفن يبقى وأعمالنا مخلدة، إن تربية الأهل السليمة وتراب الوطن ونداء الواجب والدماء التي تجري في عروقنا، تشهد لي ولغيري من أبناء وطني في غربتهم أصالة الالتزام والحنين لتبقى أرواحنا تنبض بإسم لبنان والعودة اليه عند اليقين بواجب العودة"...
ويختم قائلا:"السلم والديموقراطية لايحتاجان الى حكومات ولا سفارات، أنا مُنحت درع السفراء، ولقب سفير لذوي الاحتياجات الخاصة والتوحد من وزارة الشؤون في دولة الامارات، فالعمل الانساني لا يريد حكومة أو منصبا أو كرسيا، من أعطاه الله ميزة عمل الخير فليعمل بامانة، ومن لا يستطيع، فليجلس جانبا كي لا يشوه البلاد، الوطن فقد الكثير من نوابغه، وأنا أود كسر الرقم السابق بجدارية جديدة بـــ 3000 متر مربع، وقال ماضي:"أنا كجسد ولدت في لبنان ..ولكنني كروح خلقت من عشرات العصور".
*ناشطة مدنية وبيئية