"أدريا العظمى" القارة الثامنة المفقودة تحت البحر الأبيض المتوسط!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
اكتشف باحثون جيولوجيون قارة مفقودة منذ فترة طويلة، ومتوارية عن الأنظار تحت جنوب أوروبا والبحر الأبيض المتوسط ولملايين السنين، هي ليست أطلانطس، إنها في الحقيقة قطعة من القشرة الأرضية بحجم جزيرة غرينلاند تُعرف باسم "أدريا العظمى" Greater Adria.
"إنس أطلانطس، هناك أعدادا كبيرة من السياح يقضون عطلاتهم في القارة المفقودة أدريا العظمى دون أن يعرفوا ذلك" قال كبير الباحثين وأستاذ التكتونيات العالمية Global Tectonics والجغرافيا القديمة Paleogeography في جامعة أوترشت Utrecht University دوي فان هينزبرغن Douwe van Hinsbergen في بيان.
جيولوجيا القارات
وكان الفريق البحثي من جامعة أوترشت Utrecht University في هولندا، وبمساعدة جيولوجيين من عدة بلدان، قد درسوا سلسلة الجبال من إسبانيا حتى إيران، ولفترة تزيد عن عشر سنوات، وقد نشروا نتائج اكتشافهم، بعد دراسة معمقة لجيولوجية هذه المنطقة المعقدة في مجلة Gondwana Research العلمية.
وكانت كافة قارات العالم الحديثة مجموعة في قارة واحدة عظمى هي بانجيا Pangea، حتى بدأت تنفصل منذ حوالي 175 إلى 200 مليون سنة مضت، لتكوّن غوندوانا Gondwana (والتي تكونت منها أفريقيا، جنوب أميركا، القارة القطبية الجنوبية، الهند وأستراليا)، ولوراسيا Laurasia (والتي تكونت منها أوراسيا- أوروبا وآسيا-، وأميركا الشمالية).
وأشار الباحثون إلى أن "أدريا العظمى" هذه كانت جزءا من شمال أفريقيا، وقد انفصلت عن المنطقة وغرقت تحت مياه الجنوب الأوروبي وبمعدل سنتمترات كل عام، وقبل حوالي 140 مليون سنة.
وقال فان هينزبرغن: "معظم سلاسل الجبال تعود لقارة (أدريا العظمى)، والجزء الوحيد المتبقي من هذه القارة والظاهر من هذه القارة، هو شريط يمتد من تورينو عبر البحر الأدرياتيكي إلى كعب الحذاء الذي يشكل إيطاليا". ويشير الجيولوجيون إلى تلك المنطقة باسم "أدريا"، لذا فقد أطلق فان هينسبرغن على القارة المفقودة اسم "أدريا العظمى".
إعادة بناء القارة
لإعادة بناء هذه القارة، خصوصا مع جيولوجية هذه المنطقة المعقدة، كان الباحثون أول من استخدم برنامج GPlates المتقدم لإعادة بناء الصفائح التكتونية، وبدأ ذلك بالعمل اليدوي: إدخال آلاف المعلومات من البيانات التي تظهر التحركات في طبقات الأرض، مثل خطوط الصدع fault lines والمغناطيسية magnetism المخزّنة في الصخور. وبفضل هذا النهج، فإن الأسلوب كان بسيطا لتبنى عليه المشهدية كاملة، وإعادة بناء القارة بصورة مستقلة عن مجموعة واسعة من الظواهر الأخرى، مثل البراكين، وتكوين رواسب المواد الخام، أو التطور البيولوجي، وبعد ذلك، قاموا بتفكيك طبقات المنطقة حتى فترة العصر الترياسي Triassic period، أي منذ حوالي 240 مليون عام، عندما بدأت منطقة "أدريا العظمى" تتطور كقارة منفصلة، وهذا التفكك أو التقشير للطبقات الأرضية Peeling يعتبر هاما للغاية، فهو الطريقة الوحيدة لرسم خارطة لشكل وحجم القارة والمحيطات العميقة المحيطة بها منذ ملايين السنين، بعد هذا كله ظهرت صورة "أدريا العظمى"، والعديد من الكتل القارية الأصغر أيضًا، والتي تشكل الآن أجزاء من رومانيا أو شمال تركيا أو أرمينيا، على سبيل المثال، لا يزال من الممكن رؤية بعض بقايا هذه القارة المفقودة في الكيلومترات القليلة الأولى في سلاسل الجبال. أما الجزء الآخر من الصفيحة القارية، التي يبلغ سمكها حوالي 100 كيلومتر، فقد اندغمت تحت جنوب أوروبا في قشرة الأرض، حيث تمكن الباحثون من تتبعها بموجات زلزالية يصل عمقها إلى 1500 كيلومتر.
قارات أخرى
وقال الباحثون أن هذه القارة تقع بمعظمها تحت الماء، وشكلت بحارًا استوائية ضحلة، ترسبت فيها العديد من الرواسب، على سبيل المثال من الشعاب المرجانية الكبيرة، والصخور الرسوبية، على وجه الخصوص، وقد كشطت عندما انضغطت بقية القارة تحت القشرة الأرضية، وهذه الصخور التي جرى كشطها، هي الآن الأحزمة الجبلية في جبال الأبنين Apennines، وأجزاء من جبال الألب، والبلقان، واليونان، وتركيا.
هذه ليست أول قارة ضائعة اكتشفها العلماء، فإنه في العام 2017، أكد الباحثون أن القارة السابعة الجديدة في نيوزيلندا، والتي يقع معظمها تحت الماء في نصف الكرة الجنوبي، وقد استخدم الباحثون في العام الماضي، الأقمار الصناعية للكشف عن بقايا هذه القارة المفقودة منذ وقت طويل تحت الصفائح الجليدية في أنتاركتيكا واسمها Zealandia، حتى أن العلماء يعتقدون أن هناك احتمالًا بأن تشكل الأرض مرة أخرى قارة كبرى في غضون 50 إلى 200 مليون عام، وقد اسموها منذ الآن "أماسيا".
عن iflscience، uu.nl، Gondwana Research بتصرف