هل تطيح ثورة الساحات في لبنان بسلطة الفساد؟!

مشاركة


لبنان اليوم

 

رصد وترجمة سوزان أبو سعيد ضو

لم نستطع خلال الأيام الماضية في موقعنا "إليسار نيوز" إلا توثيق والإحاطة بما يحصل في الساحات اللبنانية من اعتصامات وتظاهرات تحت وسوم انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي كان أكثرها إنتشارا #لبنان_ينتفض، و#لبنان_يثور، شملت مختلف المناطق والأعمار والطبقات الإجتماعية، وحتى الموالين للسياسيين والزعماء، فـ "الوجع اللبناني" توحد في مسيرات مليونية امتدت لتشمل كافة المناطق، واستأثرت باهتمام الإعلام المحلي والدولي، وفي مسيرات تحد، تحصل للمرة الأولى كسرت حاجز الطائفية في مظاهرات غضب على كل الأطياف السياسية على اختلافها، حيث اعتبر اللبنانيون الإجراءات الأخيرة مجرد مسكنات و"إبر مورفين" للأزمة سرعان ما ستنتهي مفاعيلها، خصوصا وأنها ليست جازمة ولا حازمة وفقا للشارع، وتفتقر للعلاج الأشمل لأزمات لبنان والتي تنخر في النظام المبني على الفساد والمحاصصات السياسية.

وفي هذا المجال، في جولة على الصحافة العالمية والمحلية والعربية، نوردها بتصرف، وبتحليل للوضع الإقتصادي، الإجتماعي، السياسي والبيئي الضاغط.

 

ورقة الحريري الإقتصادية

وفي كلمته التي وصفت بالعاطفية، قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لائحة بالقرارات، متوجها في حديثه للمتظاهرين قائلا: "إن هذه القرارات ليست متخذة للمقايضة بخروجكم من الشوارع، أنا لا أطلب منكم التوقف عن الاحتجاج أو التعبير عن غضبكم، هذا قرار تتخذونه، ولا يمكن لأحد أن يمنعكم أو أن يعطيكم مهلة، أنتم البوصلة، أنتم الذين حركتم الحكومة، وتحرككم هذا، بصدق، هو الذي أدى إلى القرار الذي صدر اليوم".

إلا أن الورقة الإصلاحية التي تم إقرارها يوم أمس الإثنين في مجلس الوزراء اللبناني، وتضمنت 16 بندا، لم تتمكن من احتواء الغضب الجماهيري، الذين أكدوا تمسكهم بالاعتصام، كما دعوا المواطنين إلى النزول بكثافة إلى ساحة الاعتصام والاستمرار بالتظاهر حتى تحقيق المطالب.

حكام لبنان الستة

فشرارة الحرائق التي بلغ عددها 103 خلال الأسبوع الماضي، قد أشعلت النفوس بالنقمة، لتختمر مع قرارات الحكومة الجائرة بفرض ضرائب على الشعب اللبناني، تطاول المنابر التي يعبر فيها المواطن عن ألمه، أي خدمة الواتساب، فضلا عن الكماليات وغيرها، في وقت بلغ حد الفقر في لبنان مدى غير مسبوق.

في ملخص لمقالة في trtworld كتب MARTIN JAY أن "لبنان عانى من خلل وظيفي لسنوات حتى الآن، وغضب الشعب قد ظهر أخيرا، ويجب على حزب الله أن يهتم ويحذر" وكتب أيضا "على الرغم من موجة ما أسمي بالربيع العربي فإنه وفقا للنقاد، لم يلحق لبنان بالركب، لأسباب عدة، إلا أن حرائق الغابات الأخيرة، والأزمة النقدية وسياسة البنوك اللبنانية إلى رفع مستوى الاحتجاجات إلى مستوى أعلى، ما يؤذن بفجر قريب"، وأضاف الكاتب: "إن أمراء الحرب الذين أقاموا البلاد ثم بنوا إقطاعيات مع قوتهم الدينية والطائفية، الآن، أخيرا، اعترف بهم مئات الآلاف كمصدر للأزمة وليسوا جزءا من الحل، وقد ساهم الفساد المنتشر في لبنان، لدرجة أن الحكام الستة الذين يمسكون بزمام البلاد يستفيدون من الدولة الفاشلة كونهم أنشأوا شبكة من الشركات، والمنظمات غير الحكومية، وشركات المحاماة، وشركات المحاسبة، والبنوك التي أصبحت جميعها جاهزة لمعالجة أموال المساعدات الدولية عندما تأتي، (وحتى قبل أن تأتي برأينا الخاص).

ولفت الكاتب إلى أن "المشكلة في لبنان هي أن أموال المساعدات الدولية آخذة في النضوب، في الأشهر الأخيرة، عندما بلغت أزمة الدولار - والتي هي في الواقع أزمة ليرة - أصبح من الواضح للمحللين اللبنانيين أن الغرب لم يكن يقف على أهبة الاستعداد لإنقاذ لبنان، فإن ما يسمى ببرنامج الإنقاذ الذي وافقت عليه الدول الغربية في باريس- والذي يُعرف باسم (سيدر) بـ 11 مليار دولار - ربما يكون أسوأ شيء يمكن أن يفعله لبنان، لأنه قرض، سيتعين على الأجيال المقبلة من اللبنانيين دفعه مقابل ضرائب أعلى، بينما حكام لبنان يبددون نصفها على تمويل ميليشياتهم ومشاريعهم، ومنها فضيحة رئيس الوزراء اللبناني، عندما كشف عن مبلغ 16 مليون دولار، قدمت لصديقة من جنوب أفريقيا، (ونفيد من جهتنا، بينما أموال موظفي المستقبل وسعودي أوجيه تم هدرها وفقا لما حدث مؤخرا).

وأكد الكاتب على ضرورة: " تنفيذ الإصلاحات بسرعة، بميزانية أكثر صرامة لتهدئة الحشد الذي يغلي، قبل أن نصل إلى المستوى التالي من الأزمة التي قد تعني وجود سوق سوداء متفشية للدولار، وبعض هؤلاء القادة قد يغادرون لبنان للعمل من المنفى"، مشيرا إلى الوضع الإقليمي والصراع بين الولايات المتحدة والسعودية من جهة وإيران من جهة ثانية.

مطالب المجتمع المدني

بدأت مؤخرا، أطياف من المجتمع المدني بالتحرك لأيجاد حلول لهذا الوضع، ووفقا لموقع "الجزيرة"، قدم الحزب الشيوعي مبادرة لحل الأزمة، تتضمن تلبية مطالب الشعب اللبناني واستقالة الحكومة فورا، وتشكيل حكومة وطنية انتقالية تتولى تنفيذ إجراء انتخابات نيابية مبكرة، واتخاذ إجراءات فورية تبدأ باستعادة المال العام ووضع نظام ضريبي عادل.

وهناك مطالب عدة أخرى نذكر ما أورده  مجموعة من الناشطين المدنيين والإختصاصيين منهم الخبير الإقتصادي حسن خليل ضمن تجمع أسموه "إستعادة الدولة"، في بيانهم وجاء فيه: "إن هذا التجمع الذي نسعى إليه ونبتغيه، نريده إطارا وطنيا اجتماعيا شاملا وممتدا في أرجاء الوطن، تتمثل فيه أو تتفاعل معه مختلف البيئات والقطاعات والكتل والهيئات والجمعيات والتحركات الساعية إلى توحيد المجتمع وقواه الحية، لإنجاز رؤية وطنية شاملة لمعالجة الأزمات واستعادة الدولة - دولة المواطنة والالتزام بالدستور والقوانين الناظمة. دولة جميع اللبنانيين المعنية بتأمينهم وبالتوزيع العادل للثروة والأعباء. الدولة القادرة على تلبية حاجات اللبنانيين، والحافظة لكرامتهم وحقوقهم والقادرة على تأمين فرص العمل للشباب والمقعد المدرسي والاستشفاء والتداوي، وتأمين الخدمات الأساسية من المياه الصالحة والطاقة والهواء النظيف والنقل السهل والميسر. دولة لا امتيازات ولا محاصصات ولا احتكار للتمثيل فيها. دولة ومؤسسات لا تبدد الفرص والقدرات ولا تثقل مستقبل الأجيال بديون وأزمات".

وتابع البيان: "نسعى إلى إنتاج وتنظيم حراك مجتمعي نضالي سلمي ودستوري، يهدف لوقف زحف الكارثة، واحتواء الأزمة لمعالجتها بالسرعة والآليات التي تخرج البلاد من المخاطر والانقسامات، وتبادل التهم وإشاعة التوترات التي تؤدي لمزيد من التفتيت والتآكل، ما قد يجر البلاد إلى الفوضى والسلاح والاحتراب.

ودعا البيان اللبنانيين: "أينما كنتم وإلى أي دين أو طائفة أو جماعة سياسية انتميتم، ليرتكم الجامعة مهددة بالانهيار، وقوتكم بالتبدد، وأولادكم بضياع المستقبل. أثقلوكم بديون انفقت على ممتلكات وأرصدة بأسمائهم يورثونها ويتنعمون بها. ومن أوصلكم إلى القعر ومن تسلط وأفسد وهدر، لا يرغب ولا يستطيع المعالجة وقيادة الخروج من الأزمة. تعالوا نفكر معا. نتشارك ونتفاعل ونعمل يدا واحدة وبقلب رجل واحد".

وختم بيان المجموعة بأن "استعادة الدولة تعني استعادة وتفعيل الدستور والقانون العام ووقف التعدي على الدولة وأجهزتها واستخدامها لمصالح الحفنة التي لم تشبع ولن تشبع. نحن أمام خيار أن نتحرك وننظم جهدنا المشترك لنستعيد حقوقنا ودولتنا من خلال إصلاح سياسي ومالي واقتصادي جذري، أو نجوع وتسود الفوضى من جديد".

فهل تطيح ثورة الساحات في لبنان بسلطة الفساد؟!

المصادر: واشنطن بوست، TRT، الجزيرة، "إليسار نيوز" ووكالات.







مقالات ذات صلة