مرج بسري ساحة من ساحات الثورة... من مشروع سد تخريبي إلى مشروع محمية!

مشاركة


خاص اليسار

 

 

سوزان أبو سعيد ضو

لم تعد الساحات التي تجمع الثوار مقتصرة على الكبرى منها مثل ساحة الشهداء، رياض الصلح،  فقد تمكن الناشطون من مناطق عدة من لبنان يوم السبت 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، من الوصول إلى مرج بسري، واجتياز بوابة مشروع السد المزمع إنجازه من جهة جزين والتي كانت مقفلة على أراضي الناس، وقد جال المواطنون في المرج، وتمكنوا من مشاهدة الإنتهاكات البيئية المرتكبة، من قطع لأشجار معمرة، وحفر الطرق في البساتين التي كانت مركزا لنتاج زراعي هام، ومنذ فتح المرج، يخيم عدد من المواطنين من كافة المناطق، ويزوره أعداد كبيرة منهم كل يوم، للتجول في المنطقة، وأنشطة عدة يتم التحضير لها، عفويا، كما كان فتح بوابة المشروع من جهة الشوف عفويا، وإزالة عدد من اليافطات التي وضعها مجلس الإنماء والإعمار والبنك الدولي، بالإضافة إلى يافطة تخص الشركة التركية المقاولة، ما سمح بتحويل المرج إلى ساحة للإعتصام ومخيما دائما إلى حين إعلان المنطقة محمية، وبعدها تم استدعاء تسعة من الناشطين إلى مخفر مزرعة الضهر، فحضروا إلى المخفر وتم أخذ إفاداتهم، وتركوا بسند إقامة.

الناشطون

وهؤلاء الناشطون هم بول أبي راشد رئيس الحركة البيئية اللبنانية، الممثل وسام حنا من جزين، أماني البعيني من مزرعة الشوف، اهلها لديهم أملاك في السهل، وهي ناشطة في الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري ، اجود العياش مهندس من بعورتا وناشط بيئي معروف، حسان الحجار، معلم متقاعد من شحيم، وناشط بيئي في اللقاء التشاوري لاقليم الخروب والمنتدى الانمائي لاقليم الخروب و في لجنة اهالي المنطقة المعارضة للسد، المهندس عامر مشموشي من بسابا، لديه أملاك في السهل ورافض للسد كغيره من المالكين، الصحافي سعادة سعادة المتواجد دائما في نشاطات مرج بسري لتغطية النشاطات، المهندس رولان نصور من بعبدا، منسق الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري والسيد كلود حببب من بلدة بسري نفسها، ملاك ومتضرر ومعارض للسد.

أبي راشد

وفي هذا المجال، تواصلنا مع رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد لنستوضح ما حصل وأسباب هذا الإستدعاء فقال لـ "إليسار نيوز": الشكوى سياسية وانتقائية وانتقامية في آن واحد، فمثلا الأستاذ حسان الحجار لم يكن متواجدا في هذا الموقع بالذات، بل كان في حرج الصنوبر، وتمحورت الشكوى على فتح البوابة، وعملية لي القاطع الذي يسد الطريق العام، والحقيقة أن المعتدي الحقيقي هو من أستباح أجمل وادي وسهل في لبنان وهو مرج بسري، فبخلاف كافة الوديان في لبنان، التي هي ضيقة بالعادة، أي أن الضفة المجاورة للنهر تكون قليلة المساحة عادة، فإن وادي مرج بسري، هو عبارة عن سهول واسعة وجنات على مد النظر وأرض منبسطة بين مرتفعين مليئين بالأشجار الخضراء المعمرة والتي يتجاوز عمرها مئات السنوات، وقد تم التعدي على هذا السهل بجرف الأشجار والأراضي الزراعية واستباحة منحدرات المنطقة، كما عمدوا إلى إقفال الطريق العام المؤدي إلى أراضي الناس الخاصة بواسطة بوابة وحراس".

وأوضح أبي راشد ما حصل فقال: "دخلنا من منطقة مار موسى، أي باجتياز النهر، وكان عدد الناس كبيرا للغاية، ولم نستطع العودة، كون العدد كبيرا، لذا حاولنا الخروج عن طريق البوابة الرئيسية للمشروع من جهة الشوف، ولم يتجاوب معنا الحراس بفتح البوابة، وخلال الهرج والمرج، وبصورة عفوية، فهذه ثورة، اندفع المواطنون، وقاموا بفتح البوابة للخروج، وقام الناس بلي القاطع الحديدي، كما قام أشخاص بإزالة اللافتة الخاصة بالمشروع، ولم نعتد على أحد، بل على العكس فالمشروع هو من اعتدى على هذه المنطقة الرائعة، فالقضاء لم يبت بالطعون والدعاوى منذ العام 2014 لأهل جوار مرج بسري ما طالبوا به مرارا وتكرارا، على الرغم من مناشداتهم العديدة، فتح الطريق العام إلى أراضيهم الخاصة، بالعكس فقد خالفت الشركة المتعهدة للمشروع القانون وبنقاط عدة".

وفي هذا المجال، أضاف أبي راشد: "اللافتة على المشروع أشارت إلى أن بداية الأعمال في 31 أيار/مايو 2019، بينما تقييم الأثر البيئي وفقا لقانون البيئة رقم 444، مضى عليه أكثر من سنتين، إذ صدر في العام 2014، أي أن صلاحيتها انتهت في العام 2016، لذا فما يقومون به من أعمال، مخالف للقانون، إن كان بإغلاق الطريق أو إنشاء مكاتب الموظفين أو باقتلاع الأشجار المعمرة، وقد نادينا بالمظاهرات والدعوات والإجتماعات والدراسات المتعددة سواء للمجلس النيابي، أو في زياراتنا المتعددة للمسؤولين ليس بفتح الطريق فحسب، بل بضرورة أن تتواجد القوى الأمنية على مدخل المرج، لحراسته وحراسة الآثار المتواجدة هناك، كما أن هناك حق لكل مواطن وبالقانون للدفاع عن السلامة العامة، إن وجد أي فعل قد يعرض صحة الناس وسلامتهم للخطر، وأعطتنا ثورة الشعب دافعا لنقول كفى، وأعطت وعيا سياسيا وثقافيا وبيئيا، كما أن المحاضرات والمؤتمرات، والحلقات الحوارية ساهمت بتثقيف الناس وتوعيتهم، على مدى أهمية هذه المنطقة لجهة تحويلها لمحمية قد تكون في المستقبل إحدى أهم محميات لبنان، ليس من الناحية الزراعية فحسب، بل السياحية لجهة الآثار التي يتجاوز عددها الخمسين، والنظام البيئي المتميز لجهة التنوع البيولوجي الفريد، فضلا عن كونها منطقة يمكن أن تطرح كـ "رامسار" أي من المناطق المحمية الرطبة، كونها تستقطب الطيور المهاجرة في مواسمها والطيور المقيمة ما يمنح المنطقة أهمية بيئية كبيرة، وهنا أود لفت الإنتباه إلى ما أشار إليه الأخصائي في مجال الطيور الدكتور غسان جرادي، بأن  مرج بسري ثاني أهم منطقة بعد عميق في البقاع كاستراحة للطيور المهاجرة، كما ولا يجب أن ننسى خطر الزلازل لوقوع منشأة السد على نقطة التقاء فالقين زلزالين ناشطين وهي فالق بسري وروم، وقد دمر زلزال قرى عدة في المنطقة وفي مناطق عدة من لبنان في العام 1956، كما إن استملاك الأراضي من قبل الدولة بهدف إنشاء السد، لن تذهب سدى بل ستتحول إلى ملك عام سيساهم بتحويل هذه المنطقة لمحمية بسهولة، وللأسف فالجهات الحكومية لم توليها الإهتمام الكافي، على الرغم مما يمكن لهذه المحمية لما تتميز به من خصائص من أن تشكل دخلا هاما للبنان ومن نواح عدة".

وأشار أبي راشد إلى أنه وعدد من الناشطين تعرضوا لتهديدات عدة، سواء في ما مضى، أو يوم فتح المحمية للعموم يوم ثورة الشعب في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

وختم أبي راشد: "لسنا بخائفين، فإن كان القضاء سيعتبرنا مجرمين، لأننا فتحنا بوابة المشروع وقمنا بلي العارضة، فماذا عن إقفال الطريق وقطع الأشجار المعمرة والعبث بالإرث الثقافي للمنطقة، ونحن ننوي متابعة الشكوى بخطوات نعلن عنها في حينها".

هذا وقد قامت الحركة البيئية اللبنانية بتاريخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر وبمناسبة اليوم الوطني للبيئة بزراعة 50 غرسة صنوبر قرب الأشجار التي تم قطعها في المرج.

ملاحظة: هذا المقال مقدمة لمقالات عدة عن منطقة مرج بسري، كون هذا الموضوع متشعب للغاية، خصوصا لجهة أهمية هذه المنطقة اقتصاديا وسياحيا وبيئيا!

الصور: بول أبي راشد وجولي قنطار

 







مقالات ذات صلة