"ثورة 17 تشرين" مقدمة لتحرير العقول!
أنور عقل ضو
من يعتبر أنه متفوق ومنتصر على دول العالم ويتمتمع بمنعة وطنية وقومية، هو بالتأكيد واهم ويعيش تخيلات حد الهذيان، ففي مطلع هذا القرن، أو قبله بسنوات قليلة، وتحديدا مع انهيار الإتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الإشتراكية في أوروبا الشرقية، تغيرت وتبدلت معايير الصراع الدولي، خصوصا في فضاء العولمة، وسط ثورة المعلومات والتكنولوجيا الحديثة وتغير أنماط الحياة.
منذ تلك الفترة، إنتهى العصر الكولونيالي، أي العصر الذي كانت فيه القوى العظمى تجتاح بجيوشها دولا وتكسب حروبا لتستبيح الثروات وتنهب الموارد، ولم يعد احتلال الأرض غاية لتحقيق السيطرة على الشعوب والدول، فيكفي أن تُـــحتل العقول، وهذا ما هو حاصل اليوم على جبهة الصراع الدولي بين دول تملك المعرفة وأخرى تتلقاها جاهزة معلبة في هواتف ذكية، بين من يملك المعلومات والتكنولوجيا الحديثة وبين دول وشعوب مستلبة تعيش احتلالا من نوع آخر.
لقد انتفت الحالة إلى الاحتلال الكولونيالي، وبات احتلال العقول أولوية، وإذا ما نظرنا إلى وضعنا اللبناني نرى أن ما نحن عليه اليوم من تشرذم وفوضى وانهيار، هو "انتصار" لقوى الغرب الإستعماري بشكل جديد، فالعقول محتلة، وعندما تُحتل العقول تصبح الدول غير الحاضرة على مستوى الفعل التاريخي منقسمة وتعيش تناقضاتها، وأكبر خدمة لأميركا وإسرائيل هو حال لبنان اليوم وهو يعيش هزائم أفضت إلى الفوضى والفساد.
إن كل السلطة بسائر مكوناتها منهزمة، والكل مشارك في تقديم خدمة مجانية لإسرائيل وإيران وأميركا وروسيا والسعودية، فالمطلوب هذا الانقسام بعد أن احتُلت عقول الناس دون إطلاق رصاصة واحدة!
من هنا تبقى "ثورة 17 تشرين" مقدمة لتحرير العقول!