تعديل جيني يوقف الإحساس بالألم لدى مرضى السرطان!
سوزان أبو سعيد ضو
يتأثر أكثر من مليار ونصف نسمة (واحد من كل خمسة أشخاص) حول العالم بالألم المزمن Chronic Pain نتيجة أمراض مزمنة مثل السكري والسرطان وأمراض القلب وغيرها، وفقا لـ "الأكاديمية الأميركية لطب الألم) the American Academy of Pain Medicine (AAPM)، بينهم 50 مليون من البالغين الأميركيين من آلام مزمنة وأكثر من 19.6 مليون منهم يعانون من آلام مزمنة شديدة التأثير، حسبما ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (CDC).
ويرتبط الألم المزمن بالعديد من حالات الصحة البدنية والعقلية، إنه لا يسبب قيودًا على التنقل والأنشطة اليومية فحسب، بل إنه يساهم أيضًا في فقد الإنتاجية وزيادة تكاليف الرعاية الصحية.
هناك العديد من خيارات العلاج لمرضى الألم المزمن، بما في ذلك الأدوية عن طريق الفم مثل الأسيتامينوفين ومشتقات الأفيون والأدوية المضادة للالتهابات وبعض العلاجات الموضعية.
وفي هذا المجال، تمكن علماء من تطوير تقنية جديدة تساهم في تعطيل جينات مسؤولة عن تحفيز الإحاساس بالألم لدى الأشخاص، وقد ذكرت دراسة جديدة أن العلاج الجيني يمكن استخدامه لعلاج الألم المزمن عن طريق إيقاف أجزاء معينة من النظام الذي ينقل إشارات الدماغ.
فقد تمكن علماء من الشركة الناشئة "نافيغا ثيرابيوتيك" Navega Therapeutics في مدينة سان دياغو في ولاية كاليفورنيا الأميركية من ابتكار تقنية علاجية جديدة تعتمد على العلاج الجيني، إذ يتم إجراء تعديلات مخططة وانتقائية في الحمض النووي للمريض لتعطيل الجين المسؤول عن إرسال إشارات الألم إلى الشبكة العصبية في العمود الفقري، ومن المتوقع أن يتم الموافقة عليها خلال السنوات الخمس التالية.
وقد أثبتت دراسات سابقة أجريت على نماذج من الفئران المخبرية أن تعديل جين ينقل إشارات الألم إلى العمود الفقري، يمكن أن يعمل على إيقاف الإحساس بالألم، ومن المتوقع إجراء تجارب بشرية بحلول العام المقبل.
وعادةً ما يتم وصف مسكنات الأفيون التي يمكن أن تسبب الإدمان لمرضى الألم المزمن وقال فرناندو أليمان Fernando Aleman، أحد مؤسسي الشركة المشاركين في الدراسة لـ "الديلي ميل": "على النقيض من ذلك، فإن الميزة الرئيسية في مقاربتنا أنها لا تتسبب بالإدمان"، وأضاف: "نحن متحمسون للغاية لأننا رأينا ، في ثلاثة نماذج مختلفة للألم، انخفاضًا في الألم الإجمالي".
وأشار إلى أنه "يعطى المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي في العديد من المراكز الطبية المورفين لتخفيف آلامهم، ما يجعلهم غير قادرين على العمل بشكل طبيعي بسبب النعاس والتعب، كما يموت في الولايات المتحدة 70 ألف شخص سنويا بسبب جرعات زائدة من الأدوية المخدرة، لذا فإن اتباع طريقة غير مخدرة لمعالجة آلام السرطان سيكون ذات فائدة كبيرة".
ويستخدم فريقه من الخبراء في Navega تقنية "كريسبر" CRISPR مختلفة قليلاً، تُعرف باسم "تحرير الجينوم" الذي يسكت الجين المسبب للألم بدلاً من استبداله. يمكن تنشيط الجينات أو قمعها دون التسبب في أي تعديلات دائمة. وبالتالي اختاروا قمع الجين الذي وجد أنه يسبب الحساسية للألم لدى مرضى الألم المزمن، وبذلك كانوا قادرين على تجنب الأخطار المحتملة المتمثلة في التخلص من الجين تماما، والتي تشمل الإزالة غير المقصودة أو التداخل مع الحمض النووي التنظيمي، ما يمكن أن يؤثر على العديد من الوظائف في الجسم.
وأكد العلماء أن تقنية "كريسبر" ، أثبتت أهميتها في مجموعة من إجراءات تحرير الجينات المختبرية، ولكن سريريا جرى تقييد استخدامها إلى حد كبير على الحالات الطبية الموروثة النادرة.
وتعمل هذه التقنية عن طريق جزيئات تحدد الجين المستهدف المراد تحريره، وبمجرد تحديده تتم إزالته بدقة، وإدخال النسخة العادية.
في بحثهم، استخدموا العلاج الكيميائي في نماذج الفئران وهي التي تسبب الألم لدى مرضى السرطان، وفي رأيهم أن السبب الرئيسي وراء توقف مرضى السرطان عن العلاج الكيميائي المنقذ للحياة هو أنه يسبب الكثير من الألم، وكلما زادت جرعة العلاج الكيميائي، زادت فرص البقاء على قيد الحياة، لكن هذه الجرعات الكبيرة قد تزيد أيضًا من احتمال الألم المزمن، على الرغم من أنه قد يتم إعطاؤهم المورفين لإخفاء آلامهم، إلا أنه قد يؤدي في بعض الأحيان إلى التعب.
وبالتالي، فهم يعتقدون أن تحرير الجينات لقمع جين الألم المسمى SCN9A يمكن استخدامه كبديل للمورفين وبهدف مساعدة المرضى على مواصلة العلاج الكيميائي المنقذ للحياة لفترة أطول.
هذا يساعد العلاج الجيني في علاج المرضى عن طريق تغيير أو إزالة أو استبدال جين معيب أو عن طريق إضافة جين جديد، وهي تحمل الأمل في علاج العديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان والسكري والإيدز وأمراض القلب
المصادر: Daily Mail، IB times