صبي مصاب بفيروس "كورونا" دون أعراض... يثير المخاوف من انتشار المرض!
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
لا زالت النظريات حول فيروس "كورونا" تختمر وتتجمع البيان، خصوصا وأن فيروس"كورونا" الجديد، والذي أطلق عليه اسم 2019-nCoV، قد وصل ومنذ اكتشافه في أواخر العام الماضي إلى مناطق مختلفة حول العالم، وتجاوزت الإصابات الخمسين إصابة، إنما المفاجأة، هي حالة صبي في العاشرة من العمر، تم تشخيصه بالإصابة بالـ "فيروس كورونا المستجد"، ولكن بدون أية أعراض، ما يعني أنه ربما كان يساهم بنشر الفيروس وبطريقة لم يتم تشخيصها بالوسائل الأولية المتبعة في هذه الحالات.
دون أعراض
والصبي فرد من عائلة قامت بزيارة أقاربها في مدينة ووهان وسط الصين، وبينما عانى أهله وجديه من أعراض المرض، وعولجوا، فإنه لم يظهر أية أعراض، وبعد عودة العائلة إلى مسقط رأسها، بدا الطفل صحيحا، ولا يعاني من أي مرض، وبعد إصرار والديه، تم فحصه من قبل الأطباء ليجدوا أنه ينشر الفيروس وبدون أن يعاني من أي أعراض.
وأشار الخبير في علم المناعة والأحياء الدقيقة microbiology and immunology من جامعة نورث كارولينا من Gillings School of Global Public Health، البروفسور Ralph Baric والذي درس أنواع فيروس كورونا لعقود، وحذر في العام 2003 من انتشار وباء SARS، إلى أن "هناك أشخاص ينشرون المرض وأعراضهم خفيفة، ما يمكن أن يساهم بانتشار المرض في المجتمع، ولا يذهبون إلى المستشفيات، لأنهم لا يعانون من أعراض تستدعي دخولهم".
وقد نشرت حالة الصبي في المجلة العلمية لانسيت The Lancet في 24 كانون الثاني/يناير 2020، وهي المرة الأولى التي تثبت انتقال الفيروس من إنسان لانسان، والرعاية الطبية المطلوبة للفيروس 2019-nCoV الذي تم تحديده حديثًا، وأثارت العدوى بدون أعراض قلق العلماء، الذي انتشر بالفعل في 15 دولة، وأصاب ما يقرب من 6000 شخص، بأنه قد يكون من الصعب اكتشافه واحتواءه أكثر من السارس SARS، وهو مرض شبيه بالالتهاب الرئوي المماثل الذي تحول إلى وباء عالمي.
ومن اللافت أنه بينما كان والدا الطفل مصابين، كانت درجة حرارة أجسامهما طبيعية عندما طلبوا العلاج، وفي وقت لاحق، وصلت عدوى الفيروس إلى قريب سادس لهما لم يسافر.
كما ظهرت أنماط مماثلة خارج الصين، فقد ارتبطت أربع حالات في ألمانيا بحدث تدريبي لشركة حضرتها زميلة زائرة من الصين لم تظهر عليها أعراض المرض أثناء إقامتها.
وقال كوك يونغ يوين Kwok-Yung Yuen وزملاؤه من جامعة هونغ كونغ في دراسة لانسيت "هذه الحالات الخفية للالتهاب الرئوي المتنقل، قد تكون مصدرا محتملا لانتشار المرض".
أما بالنسبة لحالة الصبي، فقد سافرت العائلة من منزلها من مدينة شنتشن Shenzhen في جنوب الصين قرب هونغ كونغ، إلى ووهان في 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي لزيارة الأقارب، بمن فيهم شخص كان في المستشفى، بعد يومين من وصولهم ، أعلنت لجنة الصحة في مقاطعة هوبي أن مجموعة من 27 شخصًا في المدينة أصيبوا بالتهاب رئوي غير معروف، وهو بيان لم يتلق اهتماما كبيرًا خارج المدينة في ذلك الوقت.
وفي غضون ثلاثة إلى خمسة أيام في ووهان، ظهرت لدى أربعة من أفراد الأسرة أعراض تدريجية مثل الحمى والسعال والتعب والإسهال، وبعد عودة العائلة إلى منزلها، تم تشخيصها بالإصابة بـ 2019-nCoV بناءً على تحليل فيروسي ومسح رئوي.
كما تم فحص الطفل بناء على إلحاح ذويه، وأظهر أعراض للإصابة والتي أكدت بأخذ مسحات swabsمن الأنف والحنجرة، ويعني هذا أنه كان قادرا على نشر المرض، على الرغم من وجود أنظمة رقابية في المطارات والتي لن تستطيع التعرف عليه كناقل للمرض.
اكتشاف غير متوقع
وكتب يوين وزملاؤه في الدراسة "كان هذا اكتشافًا غير متوقع إلى حد ما"، ومع ذلك ، فإنه لا يمثل مفاجأة تامة للأطباء في الصين الذين يستمرون بمحاولة كشف الوسائل والطرق التي ينتشر بها الفيروس الجديد.
وقال فنج زيجيان Feng Zijian نائب مدير المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها للصحفيين يوم الأربعاء: "أعراض الأطفال والرضع خفيفة نسبياً، بينما يعاني كبار السن من أعراض أكثر حدة ، من استنتاجاتنا للمرض حتى الآن".
وقال جون نيكولز John Nicholls، وهو أستاذ سريري في علم الأمراض بجامعة هونغ كونغ وكان ضمن الفريق الذي عزل ودرس فيروس السارس، ومشارك في هذا البحث: "أحد الأشياء المثيرة للقلق هو الالتهاب الرئوي المتنقل وخصوصا لدى الأطفال الأصغر سناً الذين لا يتمتعون برد فعل مناعي كاف".
مع ظهور المزيد من حالات الإصابة بفيروس كورونا الجديد في جميع أنحاء العالم ، يسارع الأطباء وفرق البحث الطبي لمحاولة تطوير لقاح أو علاجات يمكن أن تحول دون انتشاره. ولكن ، كما هو الحال في اندلاع السارس، يُعتقد أن أكثر الطرق فاعلية هي تحديد المرضى وعزلهم بعد فترة وجيزة من الإصابة ، ثم تتبع وعزل جهات اتصالهم المحتملة.
وقد أغلقت الصين جميع منافذ مدينة ووهان ، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة ، وفرضت قيودًا على السفر داخل الصين وهونغ كونغ وماكاو في محاولة لمكافحة الوباء. لكن الأدلة على أن الأطفال قد يكونون قادرين على الإصابة وانتشار المرض دون أن تظهر عليهم أعراض حادة قد تعقد هذه الجهود.
وقال مارك دينيسون Mark Denison، مدير الأمراض المعدية وأستاذ طب الأطفال في كلية الطب بجامعة فاندربيلت Vanderbilt University: "تمكن القيمون على طواقم الصحة العامة بالسيطرة على فيروس السارس لأن السارس سمح له بذلك"، وأضاف: "أما هذا الفيروس على عكس الأنفلونزا ، حيث ينشر الجزء الأكبر من المرضى الفيروس أثناء احتضانهم للعدوى وبدون أعراض".
وقال دينيسون "لذا فإن السؤال هو هل هذا الفيروس أشبه بالسارس أم أنه يشبه الإنفلونزا؟" وختم بالقول: "تشير البيانات إلى أنه في مكان ما في الوسط: إنه مرض أكثر اعتدالًا، ولكن بالمقابل قد يكون هناك المزيد من انتقال العدوى".
بتصرف عن: Bloomberg