سلحفاة خضراء نافقة في حمى المنصوري... فريق من "البيت البرتقالي" تولى تشريحها وحدد أسباب النفوق

مشاركة


خاص اليسار

فاديا جمعة

نعم، إنه لمن المؤسف وأنا أهم بإعداد تقرير عن نتائج تشريح سلحفاة بحرية خضراء نفقت قبل أيام أن أتلقى خبر نفوق أخرى عند النقطة نفسها في حمى المنصورى الشاطئية في قضاء صور جنوب لبنان، لا بل يؤلمني ذلك لأنني أعلم جيدا أننا نخسر ثروة من عطاء الخالق لأسباب ليست بطبيعية وإنما هي من فعل البشر ورثة هذه الأرض الذين عاثوا بها إفسادا، ولكن يعزيني أنه بيننا ملائكة متطوعون عمليا للمحافظة على ما تبقى، ولإصلاح بعضا من الضرر الحاصل لا يتوانون عن تقديم المساعدة ويحاولون نشر المعرفة من خلال عملهم على توعية الغير لجهة الحفاظ على البيئة والطبيعة التي هي محيطنا الحيوي.

أعلم جيدا أننا في عصر انقراض الأنواع وأن كل شيء على وجه هذه الأرض يسير بإنتنظام، ولا شيء لا حاجة لنا به كما يعتقد البعض، فبعض الكائنات كالسلاحف البحرية وبحسب العلماء لن يعوض غيابها شيء، ما يؤكد أن لكل كائن دوره ضمن هذه المنظومة، وغيابه أو تعريضه للإنقراض سيسبب إختلالا في المنطومة بأكملها.

سلحفاة نافقة عند الشاطئ

قبل أسبوع من اليوم في 24 الشهر الماضي تلقينا كفريق عمل تطوعي في حمى المنصوري من المسؤولة والراعية للحمى منى خليل خبر العثور على سلحفاة تنتمي إلى فصيلة السلاحف الخضراء نافقة عند الشاطئ، وتحديدا عند القسم "ف" منه، وطلبت منى خليل مني ومن الباحث في علوم البيولوجيا البحرية الدكتور علي بدر الدين القدوم لإجراء اللازم والقيام بالمعاينة والتشريح وأخذ العينات لمعرفة سبب النفوق وتحديده بشكل علمي.

بالفعل توجهت مع الدكتور بدر الدين الى الحمى حيث كانت خليل بإنتظارنا وقام بمعاينة السلحفاة، وكان واضحا تعرضها لضربة أفقدتها عينها اليمنى قمت بالتشريح اللازم تحت إشراف الدكتور بدر الدين، وقام هو بحفظ العينات اللازمة وأخذها لدراستها.

بدر الدين وأسباب النفوق

حدد الدكتور بدر الدين بداية عمر السلحفاة ونوعها بالاستناد الى شكلها وحجمها وبعض التفاصيل، فقال: "هي من نوع Juvenile Chelonia Mydas، أي انها سلحفاة يافعة خضراء، وهي أنثى، قياس طول قوقعتها 37 سم، يتراوح عمرها ما بين الـ 10 و11 سنة.

وتابع: "سبب النفوق، وكما بدا ظاهرا، تعرضها لصدمة على الرأس سببت في فقدان عينها اليمنى، ما يعني ان هذه الصدمة أدت الى فقدان جزئي لأحد أعضائها Partial amputation"، ورجح بدر الدين أن "تكون السلحفاة تعرضت لاصطدام بأحد القوارب"، مضيفا:" كانت بحالة مقبول Type of body fresh))، غير متقدمة بالنسبة للتحلل فقد بدا اللحم طازجا والعينات بحالة جيدة، ولم تنبعث منها رائحة قوية وقت التشريح ما يؤكد أنه لم يمض وقت طويل على نفوقها".

بلاستيك في أمعائها

أما عن العينات المستخرجة "الأمعاء والمعدة" وبعد تفريغ ودراسة محتواها، قال بدر الدين: "اقتصرت على بقايا الطعام الذي تتناوله عادة هذه الأنواع من السلاحف وهي الأعشاب وأجزاء من سرطان البحر (السلطعون) وبعض الحسك (عظام السمك)، ويقدر وزنهها بـ 8.01 غرامات".

وأضاف بدر الدين: "كان جديرا بالإهتمام ولافتا للإنتباه أيضا العثور على بلاستيك من أنواع وأحجام عدة في أمعائها، منها جزء من كيس نايلون وأجزاء ثانية من أنواع أخرى من البلاستيك وقد تم تحديد وزنها ب 0.4 غرامات، كما عثرت على جزء من صنارة صيد ومن شبك صيد"، ما يؤكد بحسب بدر الدين أن "هذه السلحفاة لو قدر لها العيش فترة أطول كانت ستبتلع المزيد من البلاستيك الذي سيؤدي الى نفوقها لاحقا"، وأشار الى أن "هذا النوع من السلاحف يتناول عادة ضمن قائمة غذائه قناديل البحر وقد يلتبس عليه الأمر فيبتلع الأكياس ظنا منه أنها قناديل بحر".

إعادة النظر في سلوك الانسان

أما عن العينات التي أخدت من ساق السلحفاة وقوقعتها للتحاليل الجينية، فقال بدر الدين: "لا إمكانية اليوم لدراستها في لبنان فهي مرتفعة الكلفة، وعليه سيتم حفظها مع عينات أخرى الى حين سفري الى تركيا فأقوم بتحليلها في أحد المراكز التي اتعامل معها بالتعاون مع خبراء أتراك".

وختم بدر الدين مشددا على "مخاطر البلاستيك في البحر"، ولفت بأن "الضرر ليس محصورا بالسلاحف فحسب، بل يطاول جميع الكائنات البحرية، ومنها الأسماك، والأسوأ أن البلاستيك دخل في المنظومة الغذائية ما يستدعى إعادة النظر في سلوك الانسان لجهة استخدام هذه المادة الخطيرة".

خليل

وفي السياق عينه، أكدت صاحبة البيت البرتقالي والمسؤولة عن حمى المنصوري منى خليل أن "السلاحف اليوم تتعرض لخطر أكبر وأشد فتكا من الديناميت وبعض الصيادين والقوارب، ألا وهو البلاستيك الذي غزا البحار والمحيطات".

 وقالت: "البلاستيك أشد خطرا على السلحفاة الخضراء لأنها تجزز العشب في عمق البحر حيث يركد البلاستيك فتبتلعه فيؤدي عاجلا ام آجلا الى نفوقها اختناقا"، وأشارت خليل الى انه "حان الوقت للاقلاع عن استعمال هذه المادة الفتاكة والخطرة" بحسب تعبيرها، وأن "يهتم الناس ببيئتهم ومحيطهم"، وختمت خليل: أنا سعيدة اليوم لأن البيت البرتقالي وحمى المنصوري لديهما فريق عمل رائع يعمل ضمن إمكانيات جدا متواضعة كما في أفضل المحميات".

 

 







مقالات ذات صلة