لبناني عنيد

ثمة ممارسات وعادات طبعت عمل السلطة اللبنانية تاريخيا، ولا سيما ما بعد "الطائف"، ودائما على المتابع ألا يكتفي برصد ما هو فوق الطاولة، من لقاءات ومؤتمرات ومواقف، وإلا يكون متخلفا عن معرفة خبايا وخفايا الأمور، ومن هنا، ولكي نفهم السلطة في لبنان، أي سلطة، قديمها والجديد والمستجد، علينا أن نعرف ما يجري تحت الطاولة تحديدا لا فوقها.

تحت الطاولة ليس ثمة كراسٍ وسجاجيد فحسب، وإنما ثمة دهاليز وأقبية، وثمة أيضا سراديب معتمة مظلمة، وتحت الطاولة أيضا ثمة صفقات ومحاصصات وسمسرات و"مرقلي تا مرقلك"، وتحت الطاولة أيضا، تبرم عقود وتقتسم الطوائف دماء اللبنانيين، وتحت الطاولة أيضا وأيضا يصول ويجول فرسان السلطة في مرامح مصالحهم، أما فوق الطاولة فــ "طرابين حبق" وأزهار "مردكوش" وعطور، وأما تحتها فروائح من فساد بكل متفرعاته وأقاربه القريبين والأبعدين.

لا يمكن فهم السياسة في لبنان إلا من تحت الطاولة، ساعتئذ فقط، يمكن الوقوف على عادات السلطة السرية، كإرث من ماضٍ غابر "مجيد"، يتوج أيضا حاضرا ملتبسا حيث يسود الاعتقاد أن شعار "كلن يعني كلن" ليس مجرد تهمة، والعلم عند الله.