إفلاس ثلاث إيديولوجيات أمام "كورونا"
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
كتب Renaud Girard في موقع lefigaro مقالا تحت عنوان "كورونا... إفلاس ثلاث إيديولوجيات" Coronavirus, the bankruptcy of three ideologies، نشارك به قراء "إليسار نيوز" باللغة العربية.
من الناحية الجيوسياسية، سلط وباء فيروس "كورونا" Corona المستجد أو ما اتفق على تسميته بـ COVID_19، الذي بدأ في الصين في العام 2019 (Covid-19)، الضوء على إفلاس ثلاثة إيديولوجيات: الشيوعية والأوروبية والعالمية.
يتحمل الحزب الشيوعي الصيني (CCP) مسؤولية كبيرة للغاية عن ولادة وانتشار الفيروس لهذا المرض شديد العدوى، وهو من أصل حيواني، وقد انتقل الفيروس إلى البشر في ووهان، وهي مدينة كبيرة في وسط الصين، وبالتحديد من سوق هونان للحيوانات في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
لقد كانت البداية في سوق تباع فيه الحيوانات البرية والحيوانات الأليفة، التي كانت أقفاصها مكدسة، في ظروف غير صحية ومقرفة، وتم انتقال الفيروس في الأصل عن طريق الخفافيش، الذي نقله إلى حيوان البانغولينPangolin .
فالصينيون الأغنياء مغرمون بالحيوانات البرية، والاستهلاك الذي يضفي عليه الكثير من الصفات الخيالية (زيادة القوة البدنية، والقدرة الجنسية، وما إلى ذلك)، وللعلم فإن فيروس الإيبولا جاء أيضا من الخفافيش.
المشكلة بداية، هي أن السلطات الصينية تجاهلت إنذارًا سابقًا، فى تشرين الثاني/نوفمبر 2002 ولد وباء السارس SARS (متلازمة الالتهاب الرئوى الحاد الناجم عن فيروس كورونا) (severe acute respiratory syndrome, caused by a coronavirus) فى مقاطعة قوانغدونغ Guangdong (جنوب شرق الصين) فى سوق تباع فيه الحيوانات البرية والداجنة. ويعرف جميع العلماء خطر الأمراض الحيوانية المنشأ (الأمراض المعدية للحيوانات الفقارية التي تنتقل إلى البشر).
والأخطر من هذا التهور، جاء الإفلاس الثاني للحزب الشيوعي الصيني CCPمن إدمانه على الحفاظ على الدولة باستخدام الكذب وإخفاء الحقيقة كأسلوب، مهووسًا بضرورة ضمان "الاستقرار الاجتماعي" مهما كان الثمن، فضل الحزب الشيوعي الصيني في منطقة هوبي أن يغمض عينيه في البداية. حتى أنه عاقب الأطباء في مستشفى ووهان المركزي لرفع الصوت إنذارا بخطر العدوى، ولم يوضح الحزب الشيوعي الصيني للعالم حتى الآن سبب أمره فجأة بإغلاق مختبر الصحة العامة في جامعة فودان Fudan University (شنغهاي) في 12 كانون الثاني/يناير 2020، وكان هذا المختبر المتطور في اليوم السابق، قد نشر تسلسل فيروس Covid- 19 على موقع virological.org، وهو منتدى علمي لمناقشة الفيروسات، مع ضمان حرية الوصول إلى المعلومات للجميع. كان نشر بيانات هذا الجينوم هو الذي أدى إلى تطوير مجموعة من الاختبارات الجديدة لتشخيص الإصابة الفيروس.
وقد وضع مسؤولو الحزب الشيوعي الصيني منطق قوة معصومة عن الخطأ قبل الحقيقة الطبية لمدة ثلاثة أسابيع، ضاعت هذه الأسابيع الثلاثة في المعركة الأولى ضد الفيروس بشكل كبير، فلو تم علاج المرض بمجرد ظهوره، فربما لن يكون هناك وباء عالمي اليوم.
كما لو أن ذلك لم يكن كافيا، أضاف حزب CCP "الأخبار المزيفة" إلى الكذب والتستر، في 13 آذار/مارس 2020، تجرأ تشاو ليجيان Zhao Lijian، المتحدث الجديد باسم وزارة الخارجية الصينية، على تغريدة "من الممكن أن الجيش الأميركي قد جلب الوباء إلى ووهان".
حيث أنه في تشرين الأول/أكتوبر 2019، شارك الجنود الأميركيون في الألعاب العسكرية العالمية، التي جرت في ووهان، والحقيقة، إن السلطات الشيوعية الصينية الآن متوترة للغاية لأنها تدرك أن شعبها يعرف جيدًا أنهم كذبوا عليهم في البداية، وأنهم شنوا هجومهم المتواصل - الناجح على ما يبدو - ضد الفيروس في وقت متأخر فقط.
الإفلاس الثاني مسجل للإيديولوجية الأوروبية، التي تعتبر أن البناء الأوروبي الجديد (لجهة فتح الحدود) مثاليًا في حد ذاته، بدلاً من الاستخدام العملي فقط، من أجل المصلحة الملموسة لمختلف دول الاتحاد الأوروبي.
في 13 آذار/مارس 2020، انتقدت رئيسة المفوضية الأوروبية إغلاق الحدود التي قررتها بعض دول الاتحاد الأوروبي لمكافحة الوباء، في اليوم التالي، تبنى وطن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين Ursula von der Leyen أي ألمانيا مثل هذا الإجراء المنطقي .
فقد أغلق الصينيون حدود هوبي، وهي مقاطعة أكبر من هولندا بخمس مرات! يفسر قرار ترامب بإغلاق حدوده أمام المسافرين من الصين في نهاية كانون الثاني/يناير تأخر اكتشاف المرض في أميركا مقارنة بأوروبا.
وأخيرًا، فإن إيديولوجية العولمة مفلسة أيضًا، والتي تؤمن بفضائل التقسيم الدولي المطلق للعمل، وتطيع فقط القوانين الكلاسيكية لليبرالية الاقتصادية، من غير المقبول أن نعتمد اليوم على دولة بعيدة ومختلفة عنا مثل الصين في تصنيع أدويتنا، وقد حاول البيت الأبيض رشوة رئيس المختبر الألماني CureVac من أجل احتكار اللقاح الذي هو بصدد تطويره.
وخلص جيرار إلى أنه "عندما نخرج من هذا الوباء، سنكون بحاجة ماسة إلى إقامة سيادة اقتصادية أوروبية حقيقية"!
بتصرف عن Le Figaro