"كورونا" اللبناني... 6 و6 مكرر!

مشاركة


لبنان اليوم

*بسام سامي ضو

فيما تحوّل العالم كلّه إلى قريةٍ واحدة كبيرة- ولو محجورة ومذعورة- وهبّت دولٌ إلى نجدة أخرى لا يجمع بينهما الودّ، وفتحت دولٌ حدودها التي كانت مقفلةً لعقود أمام قوافل المساعدات الإنسانية والطبية القادمة من دولٍ مناهضة لها نجحت في التصدّي ولو مرحلياً لجائحة فيروس كورونا المستجد، وتحادث رؤساء دولٍ كان كلّ منهم حتى الأمس القريب يشتم الآخر، حول سبل التعاون لمواجهة هذه الكارثة التي تضرب كوكبنا؛ ما الذي نقوم به نحن اللبنانيين؟

كلّ منطقة، أو فلنسمّها محافظة أو قضاء، بادرت إلى العمل على تجهيز مستشفاها "الخاص" واتخاذ التدابير الوقائية والإسعافية بدعمٍ من "وزرائها ونوابها"، مع التركيز على أولوية حماية "أبناء المنطقة" وضمان سلامتهم. ولم تتأخر بلداتٌ في قطع الطرق ورفع الحواجز بينها وبين بلداتٍ مجاورة، فيما تولّى أبناؤها "حراسة الحدود"! من ماذا، وهم لا يملكون خبرةً طبية أو أدواتٍ وأجهزة تتيح لهم تشخيص إصابة أحدهم بالكورونا؟ المطلوب إذاً منع "الآخر" من دخول البلدة، لئلا ينقل العدوى لأبنائها الأصحاء، لكأنّ هذا "الآخر" موبوءٌ حتى يثبت تعافيه!

تصفّحوا المنشورات في غالبية صفحات اللبنانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، تروا فيها أدعيةً لحماية أبناء البلدة أو القرية أو المدينة حصراً من كورونا! حتى التمنيات بشفاء المصابين تكاد تنصبّ لمصلحة ابن هذه البلدة أو القرية أو المدينة! أفلا يستحق المصابون "الآخرون" مثل هذا الدعاء بالشفاء؟

لاحظوا كيف تُسارع أيّ بلدة إلى نفي إصابة أحد أبنائها بكورونا، كأنما في دفعٍ لهذا "الجرم" عنها وعنهم، ورميٍ لكرة الإصابة به في ملعب "الآخرين". حتى حملات التبرع المتعدّدة، إلا في ما ندر، والتي نقدّر كل المساهمين فيها، أخذت طابع التنافس الإعلامي وتبادل الاتهامات بين القائمين عليها المنتمي كلٌّ منهم إلى فريقٍ سياسيّ، عوض أن تكون شاملةً جميع المواطنين وغير المواطنين المحتاجين، بصرف النظر عن انتمائهم الضيّق.
أما الطامة الكبرى فهي في ما شاهدناه قبل أيام من استعراض "فريقٍ" لبناني ما يملك من إمكاناتٍ طبية وقدرات عملانية وسيارات إسعافٍ ومراكز رعاية صحية مجهزة بأفضل ما يكون، لكنّا قدّرناها لولا أنها موضوعة في خدمة أبناء المنطقة، وليس كل "الآخرين" من أبناء البلد!

هذا الظرف الطارئ والشديد الخطورة مع فيروس يطال الجميع ولا يفرّق بين لبناني وآخر، ولا يعتمد مبدأ 6 و6 مكرّر أو أيّ نوعٍ من التوزيع الطائفي أو المحاصصة المذهبية في مَن يطالهم، ألا يستدعي منا أن نكون ولو لمرةٍ واحدة "شعباً" واحداً موحداً، لا مجموعاتٍ يجمع بينها "عيشٌ مشترك" تتغنّى به شكلاً وتمارس نقيضه فعلاً؟

*كاتب وصحافي لبناني في دبي







مقالات ذات صلة