رياض سلامة "ضحية" فساد السلطة!
أنور عقل ضو
حملة القوى السياسية كافة على حاكم مصرف رياض سلامة - ورغم ما بلغنا من انهيار اقتصادي ومالي - غير بريئة بالشكل والمضمون، وتمثل بعضا من فساد استبد واستمر ليطاول حاكمية مصرف لبنان، وهي أساسا على صورة النظام القائم على التحاصص وتقاسم المغانم والتلزيمات والسمسرات.
لا ندافع عن سلامة، لكن في الأخير مصرف لبنان خاضع لسلطة القوى السياسية في حدود التنفيعات وبعض الإملاءات، علما أنه يحسب لرياض سلامة أنه تمكن في حدود كبيرة إبقاء السياسيين بعيدا من السياسات المالية، وسط تفعيل دور السلطة الرقابة على المصارف ونجح إلى أن أفلست الدولة بعد أن تعطلت دورة الحياة بالتناحر والتطاحن مع كل استحقاق رئاسي وحكومي، فلا عاد ثمة سائح قدم إلى لبنان، ولا مستثمر مستعد لتوظيف أمواله، فضلا عن هروب الرساميل الكبيرة وتقدر بمليارات عدة من الدولارات.
الكل الآن يبحث عن شماعة يعلق عليها إخفاقاته وسرقاته وفضائحه، ووجد ضالته في مصرف لبنان، والأنكى أن هذا الكل، من كل المفارق والاتجاهات مسؤول عن إيصال البلد إلى الإفلاس، أما رياض سلامة فيراد له أن يكون كبش فداء، فعين "التيار الوطني الحر" على مصرف لبنان كانت ولا تزال، للإمساك بسائر المرافق الأهم على مستوى الدولة، خصوصا وأن رئاسة الحاكمية منوطة بشخصية مارونية، ومن هنا يمكن أن نفهم الهجوم المبرمج على رياض سلامة منذ أمد بعيد.
تعطل البلد سنتين بسبب الاستحقاق الرئاسي، فمن يتحمل تبعات الإصرار على التزكية "الديموقرطية" التي تمثلت في مـا بات يعرف بـ "التفاهم الرئاسي"؟ ومن يتحمل نتائج تعطيل البلد لأكثر من سنة قبل تشكيل حكومة الرئيس الأسبق تمام سلام؟ وتاليا سبعة أشهر لتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري؟ وأيضا من عطل البلد في وسط بيروت سنة ونيف؟
إن حصر المسؤولية برياض سلامة فيها افتئات على الشخص، بغض النظر عن السياسات المالية، وهذه تفترض فسحة نقاش خاصة، لكم لمن لا يعلم رياض سلامة أبقى لبنان بعيدا من تداعيات الأزمة المالية العالمية في العام 2008، فلا انهار مصرف ولا تداعت مؤسسة، ذلك أنه منع على المصارف المضاربة بـ "فقاعات عقارية" وغيرها، واختير لسنوات عدة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم، وكان له يوما شرف قرع جرس بورصة نيويورك.
من يصوب اليوم على رياض سلامة هو المسؤول ضمنا عن هلاك البلد، فيما لم نستفد من دروس وعبر الماضي، دون أن ننسى أن لدى حاكم مصرف لبنان الكثير ليقوله ولم يحن أوانه بعد.
رياض سلامة "ضحية" فساد السلطة!