لبنان لديه أمل وحيد ليتجنب الإنهيار التام... صندوق النقد الدولي!

مشاركة


تنمية وإقتصاد

 

 قسم الترجمة: Elissar News

يعاني لبنان من ضائقة اقتصادية متفاقمة، أرستها عقود من الهدر والفساد ودعمتها مؤخرا الأزمة المالية، وأهمها قيام المصارف باحتجاز ودائع اللبنانيين بالدولار الأميركي التي أرخت بظلالها بصورة مست كافة طبقات المجتمع، فقد تساوى اللبنانيون بكافة مداخيلهم أمام هذه الأزمة، الغني والفقير، ومع شح الدولار الأميركي من الأسواق والذي وصل إلى أسعار صرف غير مسبوقة، بفعل التلاعب بالليرة التي بدأت التحقيقات لمعرفة الجناة، فضلا عن جائحة "كوفيد 19" COVID-19، التي استنفذت المزيد من أموال الخزينة، وحبست اللبناني في بيته، مع ما تمكن من خزنه من مؤونة وأموال استطاع الحصول عليها قبيل هذا الوضع الغريب الذي لم يشهده أي بلد في العالم بالصورة التي يشهدها لبنان.

وفي مقالة للمحرر في مدونة "ديوان"، في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، مايكل يونغ Michael Young لصالح موقع The National بعنوان "لبنان لديه أمل وحيد ليتجنب الإنهيار التام – صندوق النقد الدولي"  Lebanon has only one hope to escape from total collapse - the IMF، أشار يونغ إلى أنه "من الصعوبة أن تكون متفائلاً في لبنان اليوم، لكن لبنان اليوم في لحظة تاريخية، فبعد عقود من تغذية النظام الريعي، تدرك القوى السياسية الفاسدة في البلاد أنها "قتلت الوحش" الذي أطعمها. إنها "نهاية اللعبة" بالنسبة للسلطة الفاسدة، فقدرتهم على إعادة ما كان لديهم من قبل لا شيء، فهل الحل المقترح ضمن الخطة الإقتصادية التي أوردتها الحكومة مؤخرا باللجوء إلى البنك الدولي، الحل الوحيد لانتشال لبنان من الحفرة التي تم دفعه إليها عبر عقود من الهدر والفساد، والإنهيار التام إقتصاديا واجتماعيا وسياسيا؟".

وتابع: "إذا تجرأ المرء على التفاؤل، فسيكون البديل الوحيد اليوم هو إعادة بناء كل شيء من الصفر، فحتى أمل الحصول على دخل من النفط والغاز تلقى ضربة كبيرة مؤخرًا، ما سد الطريق الوحيد للأوليغارشية للخروج من مأزقهم المالي، وقد خلقت هذه الفترة الزمنية انفتاحًا جزئيًا للمجتمع اللبناني لتشكيل مصيره الخاص ضد الفاعلين السياسيين الذين أفقروهم".

ويحذر يونغ: "هناك طريقان مفتوحان للبنان اليوم، هناك طريق الذهاب إلى صندوق النقد الدولي وقبول خطة الإصلاح التي تسمح للمؤسسة بصرف الأموال إلى لبنان، أو، باستثناء ذلك، هناك طريق الإفلاس وانهيار الدولة والفوضى وربما المجاعة والهجرة الجماعية!

ببساطة لا يوجد طريق ثالث. بالتأكيد، ليس لدى السياسيين أو الأحزاب السياسية القيادية رغبة صادقة في تبني الإصلاح، كما أنهم لا يستطيعون تحمل انهيار الدولة، الذي من شأنه أن يقوض هيمنتهم وكل ما حاربوا من أجل الحفاظ عليه منذ بدء الاحتجاجات العامة في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

إن خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي هي المفتاح الوحيد المتاح لفتح المساعدات الخارجية الأوسع للبنان - وبالتحديد من البنك الدولي والدول التي تعهدت بتقديم أموال في مؤتمر سيدر CEDRE  في العام 2018، وبدون هذه الأموال، لن يتمكن لبنان من إطعام نفسه في غضون بضعة أشهر، ولن تكون الدولة قادرة على استيراد الوقود أو الأدوية".

ورأى يونغ أن: "النظام الريعي الذي أبقى لبنان مستمرا، كانت البلاد قادرة على الحفاظ على عجزها الدائم بفضل التحويلات المالية من اللبنانيين في الخارج، بما في ذلك دول الخليج. إلا أنه ولأسباب متنوعة، بدأت هذه الانخفاض في العقد الماضي. وحقيقة أن معظم المودعين سيفقدون بالتأكيد حصة كبيرة من أموالهم من خلال خطة الإنقاذ المالي، تعني أن رغبة اللبنانيين في إرسال الأموال إلى الوطن قد تبخرت، وسوف يستمر هذا الإتجاه لدى اللبنانيين في الخارج".

وأشار يونغ إلى أنه "لا يمكن للدولة أن تأمل في جذب رؤوس الأموال إلى نظامها المصرفي كما فعلت في السابق، سيبقى انعدام الثقة في لبنان وتوجهه السياسي عائقاً أمام مساعدة الدول العربية، فكل من الوضع الاقتصادي العالمي وانعدام الثقة في النظام اللبناني يعني أنه من غير المحتمل أن يأتي الدعم الأجنبي، فقد انتهى النظام القديم، والخروج الوحيد هو من خلال منظمة، "صندوق النقد الدولي"، التي ستراقب عن كثب ما تفعله الحكومة في برنامجها الإصلاحي، ربما على أساس شهري.

ومما زاد الطين بلة بالنسبة للأوليغارشية اللبنانية، فإن تماسكها الداخلي يتداعى وسط اتهامات الفساد المتبادلة. الآن، يصور السياسيون الكاذبون أنفسهم على أنهم من نماذج الاستقامة، إنهم يتوقعون رد الفعل الشعبي العنيف على انتشار الفقر، وسنوات من الضائقة الاقتصادية، والأطفال الذين سيدفعون ثمناً باهظاً لجهة تعليمهم، وفقدان المكانة الاجتماعية واحترام الذات، والبؤس الشامل الذي يصاحب التفكك الاقتصادي.

لن يغير صندوق النقد الدولي كل ذلك، لكن من الضروري أن يكون لدى لبنان أي أمل في القيام بذلك، لقد أدرك الجناة السياسيون هذا في النهاية".

ويقارن يونغ بين بعض مكونات الطبقة السياسية في لبنان "بالمقابل فإن حزب الله، حتى لو كان أكثر استعداداً من غيره للبقاء على قيد الحياة في الزلزال الاقتصادي، يحتاج إلى دولة يحيط بها نفسه. وإلا لما عمل بجدية لإيصال حكومة جديدة إلى السلطة في وقت سابق من هذا العام. فهو يشعر أن دولة لبنانية ممزقة بالدمار والانشقاق الاقتصادي ستجعل أي هجوم إسرائيلي أكثر احتمالا وتدميرا. ولن تكون قيمة الحزب بالنسبة لإيران بنفس القدر من الأهمية إذا كان كل ما يسيطر عليه هو دولة فاشلة.

أما رئيس مجلس النواب نبيه بري حليف حزب الله، فهو أكثر عرضة للخطر. فمؤيديه في الخدمة المدنية بشكل رئيسي، حيث تم تخفيض الرواتب بسبب انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، إن عدم قدرة السيد بري على مساعدة أتباعه اليوم، تفسر سبب حرصه الشديد على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

سعد الحريري، رئيس الوزراء السابق، له نفس العقلية. يعتبر نفسه محاوراً طبيعياً مع المجتمع الدولي والدول العربية في الشؤون المالية والاقتصادية. وإن لم يستطع لبنان تحقيق اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، فلن يكون للسيد الحريري دور يلعبه إذا عاد إلى منصبه.

وأخيرًا، يحتاج جبران باسيل، رئيس الحركة الوطنية الحرة، إلى اتفاق، فهو يتوق إلى الرئاسة التي يشغلها الآن والد زوجته ميشال عون. ولكن ما قيمة كونك رئيسًا إذا فشل لبنان في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتحول إلى قضية سلة اقتصادية على قدم المساواة مع فنزويلا - فقط من دون عائدات النفط؟".

وقال يونغ: "إن الصورة العامة هي أن الطبقة السياسية في لبنان غير قادرة على الإصلاح، وبالتالي قبولها لخطة صندوق النقد الدولي أمر مستحيل. الجزء الأول من الجملة صحيح في الغالب. لكن الفاعلين السياسيين في لبنان يركزون أيضًا على بقائهم، مما يعني أن النصف الثاني من الجملة لا يمكن أن يكون صحيحًا"، هنا يعني يونغ أن السياسيين في لبنان لن يمكنهم القيام بالإصلاحات المطلوبة للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي.

هناك طريقان مفتوحتان أمام لبنان اليوم، أحدهما يؤدي إلى الإصلاح، والآخر نحو الدمار. ستطحن الأحزاب السياسية أسنانها، وتخطط لإخراج أكبر قدر ممكن من صندوق النقد الدولي، ولكن سيتعين عليها قبول اتفاق واسع النطاق في النهاية. لقد حاصروا أنفسهم وليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه.

ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تلزم موقع "إليسار نيوز" بأي مسؤولية عن المحتوى، وقد قام قسم الترجمة في موقعنا بترجمتها بتصرف وتحريرها بشكلها هذا فحسب، وتنويعا للمقالات الظاهرة في الموقع، وخصوصا في مجال التنمية والإقتصاد.







مقالات ذات صلة