100 يوم من عمر حكومة العهد... و"باسيله"!
*بسام سامي ضو
في مسلسلٍ كوميدي عربي تعلن البطلة بكل سعادة أنها حامل، فتنقلب حياتها ويوميات زوجها وكل المحيطين بها إثر هذا الخبر السعيد، فيعيشون فرحة الحلم باستقبال للمولود المنتظر، وخصوصاً بعد طول انتظار ومحاولاتٍ عدّة للحمل باءت بالفشل ورافقتها إحباطاتٌ متكرّرة؛ ليتبيّن لاحقاً أنّ انتفاخ بطنها سببه امتلاء معدتها بـ "الغازات"! المضحك أنّها - بالرغم من إدراكها حقيقة "حملها الكاذب" - أصرّت على إخفاء الأمر عن الجميع، وواصلت حياتها معهم كأنها حاملٌ بالفعل، واستمرّوا هم في التعامل معها على هذا الأساس لفترةٍ من الزمن لم تطل، إذ "نفّس" حملها الوهمي من الموقع الخطأ وخرج ليتبدّد في الهواء ريحاً كريهة بحجم كذبتها!
ما سبق التنقيب في "البلوك رقم 4" عن الغاز وما تلاه، يصلح نموذجاً بسيطاً لما ذكرناه، إذ شهدنا "انتفاخاً" في حجم من هم منفوخون أصلاً بقوةٍ يملكها ويفرضها غيرهم، رافقه انتفاخٌ إعلاميّ القصد منه تكريس هذا "النصر" للعهد وباسيله، وانتفاخٌ ليس فقط في تطمين اللبنانيين إلى أنّ كل أزماتهم قد حُلّت وديونهم سُدّدت، بل تصويرهم ينعمون بالثروات بفضل "نفط لبنان الذي أعطي للعهد"! ولم يطل الوقت قبل أن نشمّ الرائحة الكريهة لكل هذه "الغازات" من الوعود والأوهام!
إنه النموذج الذي يختصر واقع "العهد القوي"، ويجسد ذهنية رجالات (والجمع هنا مؤنثاً سالماً، وليس جمع الجمع لكلمة رجال، فهؤلاء عزّ وجودهم) تملأ رؤوسهم كمياتٌ هائلة من "غازات" الشهوة إلى السلطة والفساد والسرقة والمحاصصة والكذب والتعصب والتخلّف والخطاب الطائفي والحقد المذهبي.
إنه النموذج الذي يجسد واقع "حكومة التكنوقراط" التي جعلت أفكارنا حبلى بآمال بداية التحرّر من قبضة الأحزاب ومحاصصاتها، فإذا بالواقع يكشف المؤكد، وهو أنّ زعماء هذه الأحزاب يمسكون بعنق الحكومة ورئيسها، فيهدّد أحدهم بسحب "وزرائه" منها، ويعترض آخر على تعييناتٍ إدارية أو قضائية، وينتظر "رجالاتها" الحاكم بأمر البلد ليأذن لهم بفرض حال الطوارئ الصحية "إذا شاؤوا"، ويسمح لهم بوقف الرحلات الجوية من وجهاتٍ مشبوهة بالكورونا، ويجيز لهم التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشروطه (الحاكم)، و"ينصحهم" بالحلّ السياسي الوحيد لمشكلة تهريب الطحين والوقود عبر الحدود.
إثر تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية، تعهّد رئيسها الدكتور حسان دياب بأنها ستكون "حكومة المستقبل الواعد، وستعيد للبنان عزّته ووحدته وازدهاره عبر فريق عمل إنقاذي"، ولم يتردّد في التأكيد على أنّ سعر صرف الليرة سيتحسن..
"حملٌ كاذب" جديد، أسهمت "اللجان" في تحويله إلى "غازات" تفجّرت لتفوح منها روائح أزمةٍ اقتصادية نقدية كارثية أدّت إلى خنق اللبنانيين وتبخّر مدخراتهم وانهيار سعر صرف الليرة، وجعلت أكثر من نصفهم يعيشون تحت خط الفقر، بالإضافة إلى شبه انهيار القطاع المصرفي وإفلاس المصرف المركزي، وإلى عزلةٍ عربية، وفقدانٍ للثقة الدولية بلبنان ودوره والحاجة إليه.
احتفاءً بمرور 100 يوم من عمر الحكومة: ترقّبوا المزيد من "غازات الإنجازات"!
*صحافي وكاتب لبنان مقيم في دبي