سوري يواجه الحصار... بمزرعة "دود" زراعي تدر الملايين!
"إليسار نيوز" Elissar News
منذ أحداث 2011، يواجه سكان الجمهورية العربية السورية الكثير من التحديات الإقتصادية، وفي ظل الحصار، وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، انعكس على القطاعات الإنتاجية كافة، وفي خضم هذه الضغوطات المتفاقمة، برزت مبادرات فردية هامة، ومنها ما قام به المزارع الستيني حسان خليفة، بإنشاء مزرعة "دود زراعي" ليرفد السوق بالسماد الطبيعي الناتج عنها، والذي أطلق عليه اسم Ver mi Composting.
فوائد دودة الأرض
وتخدم هذه المخلوقات التربة بعدة طرق، فهي تحسن بنية التربة وحركة المياه وتدوير المغذيات ونمو النبات. وهي ليست المؤشرات الوحيدة لنظم التربة الصحية، ولكن وجودها عادة ما يكون مؤشرا لنظام تربة صحي، حيث تعتبر التربة صحية كلما ازداد عدد هذه المخلوقات الصغيرة النهمة، وهذه الفضلات الناتجة عن الديدان، والتي تحدث بشكل طبيعي، تنتج سماد عضوي ممتاز وغني بالمغذيات القابلة للذوبان في الماء ومكيف التربة، كما يحتوي على مستويات منخفضة من الملوثات وتشبع أعلى للمغذيات من المواد العضوية وأكثر من الأسمدة المستخدمة، ويتم استخدامه في الزراعات المختلفة والزراعة المستدامة على نطاق صغير، كما ويمكن استخدام Vermicomposting في معالجة مياه الصرف الصحي.
ووفقا لـ "سبوتنك"، فقد نجح المزارع السوري حسان خليفة، بإنشاء أول مزرعة لدودة الأرض في سوريا كأول مشروع مدر للأرباح وبتكلفة منخفضة من خلال إنتاج السماد العضوي "فيرمي كومبوست Ver mi composting" وبكميات اقتصادية تغني عن الأسمدة الكيميائية المضرة للتربة ولصحة الإنسان في آنٍ معاً، ما يوفر إمكانات مالية كبيرة على القطاعين الزراعي والصحي.
بحسب وسائل إعلام سورية، قال خليفة عن بداية مشروعه، "بدايتي في تربية دودة الأرض تعود إلى عام 2007 في قرية المليحة بمحافظة درعا (جنوب سوريا)، وكانت بداية ناجحة وبدأت بإنتاج وبيع السماد وتوزيع كميات منه مجاناً للأصدقاء وبعد ذلك توقف المشروع، بسبب اندلاع الحرب"، وأضاف: "خرجت من قريتي متوجهاً إلى دمشق، وفي عام 2017 بدأت ثانيةً بتربية دودة الأرض بكمية قليلة من الشرانق في غوطة دمشق الشرقية، حيث تكاثرت الشرانق ووصل إنتاج المشروع أسبوعياً إلى أربعة أطنان من السماد العضوي (فيرمي كومبوست)، علماً أن سعر الطن عالمياً يصل إلى 1000 دولار، لكن في سوريا هو أقل من ذلك بقليل إذ يباع الكيلو بـ(800) ليرة سورية".
وأشار خليفة إلى أن "ضرر الأسمدة الكيميائية أكبر من نفعها، فرغم أنها تعطي إنتاجاً جيداً في السنة الأولى والثانية والثالثة لكنها في السنة الرابعة، لن تكون مفيدة لأن التربة ومع مرور الوقت ستكون بحاجة إلى كميات أكبر من السماد إلى الحد الذي يضر بالتربة وبالمزروعات، وبالتالي بحجم وجودة الإنتاج الزراعي، بالمقابل فسماد (الفيرمي كومبوست) العضوي فهو سماد تراكمي، فحين يضاف إلى التربة لأربع سنوات متتالية، ولن تكون هناك حاجة إلى إضافة السماد في السنة الخامسة، لأن التربة تكون قد امتلأت بالأحياء الدقيقة، فالسماد العضوي ذو تأثير تراكمي ولا يضر بالتربة أبداً".
واوضح خليقة دورة حياة الدودة، فقال:"تأكل الدودة كل مادة متحللة فتمر على معدتها وتعيدها إلى عناصرها الأولية، وتضيف إليها أنزيمات وأحماض أمينية وتخرج من معدتها مادة تسمى "كاستينغ" Castings، وتتكاثر الدودة حيث يمكن أن تنتج من شرنقة إلى شرنقتين وكل شرنقة يمكن أن تعطي 20 دودة، ما يمكن أن تتضاعف أعدادها60 ضعفاً، فالكيلوغرام يصبح 60 كيلوغرام، وبالتالي يمكن أن يتضاعف دخل المشروع باستمرار، فإنتاج سماد (الفيرمي كومبوست) يتناسب مع كتلة الديدان الموجودة، لا سيما إذا أعطيت الدودة الظروف المثالية من درجة حرارة ورطوبة وغيرها من الشروط".
ولفت إلى أن "إضافة إلى الغذاء المناسب للديدان فستعطي نصف وزنها يومياً من سماد (الفيرمي كومبوست)، فلو كان لدينا 100 كيلوغرام ديدان فإنها تعطينا طن (فيرمي كومبوست) شهرياً، إضافة إلى مادة كاستينغ، فكل غرام من هذه المادة يحتوي مليار بكتيريا نافعة وحين تضاف إلى الترب،ة تقوم بتحليلها وطحنها وتعيدها إلى عناصرها الأساسية وتسهل امتصاص النبات لحاجته منها"، بحسب خليفة.
وأضاف "تحمي الدودة نفسها من خلال التكاثر باستمرار، ويمكن أن تعيش الدودة في درجات حرارة تتراوح بين 15 – 35 درجة مئوية لكن درجة الحرارة المثالية تتراوح بين 18-19 درجة وطالما نعطيها الجو المثالي، فالتكاثر مستمر في كل الموسم وقد تصل إلى 1000 ضعف في العام الواحد"، منبها إلى أعداد الدودة الطبيعيين قائلا:" الدودة تحتوي على البروتين بنسبة 85 بالمئة من جسمها، ولهذا يجب الانتباه إلى أعدائها الطبيعيين من دجاج وطيور وضفادع وزواحف".
هرمون السعادة
حين "حين تكثر كمية الدود يمكن أن نجففه ونسحقه ونخلطه مع علف الدواجن، فكل كيلوغرام يحتاج 3 غرامات من بودرة الدود المسحوق، وهذا يرفع إنتاجية نسبة التحويل من 35 إلى 70 بالمئة، فبدلاً من إطعام الفروج 4 كيلوغرام من العلف نطعمه 2 كيلوغرام ونصف الكيلوغرام، وكذلك الأمر بالنسبة للسمك مما يزيد الإنتاجية والنوعية أيضاً، كما يمكن استخدامه في الزراعات المائية Aquaponics" .
وأردف قائلاً: "الدودة تتنفس من جلدها فهي تأخذ الأوكسجين من الهواء عبر جلدها أو عن طريق رطوبة التربة، فجسمها يفرز مادة لزجة تسهل عليه التنقل في التربة، كما يفرز مادة معقمة ترفع (هرمون السعادة) عند الإنسان عند ملامستها، وهذه حقيقة ألمسها يومياً خلال عملي في المزرعة، كما يمكن للدودة أن ترمم نفسها في حال قطعت من المنتصف من جانب ما يسمى (السرج) وهو مكان التكاثر في منتصف الجسم".
تجاوز ظروف الحصار
وردا على سؤال عن مدى قدرة سوريا على تجاوز ظروف الحصار لتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي قال خليفة: "يجب أن نجد حلولا من خلال الزراعة فسوريا بلد زراعي وكنا نأكل ونطعم غيرنا في مرحلة سابقة من خلال التصدير، أما اليوم فنحن نستورد، وكنا قبل الحرب نستورد الأدوية الزراعية والأسمدة، أما اليوم فنحن نعاني من الحصار ولا نستطيع أن نؤمن ذلك من خارج البلاد، ولهذا علينا أن نعتمد على أنفسنا فكوبا كانت تعاني من الحصار في عام 1986، وبدأت بإنتاج سماد (فيرمي كومبوست) بأربع صناديق صغيرة فقط، ووصل إنتاجها منذ أكثر من عشر سنوات إلى 100 ألف طن من السماد العضوي، واستطاعت بذلك حل مشكلة تأمين الأسمدة والأدوية الزراعية، وحالنا في سوريا شبيه بذلك ويمكننا أن نفعل ذات الشيء، ونوفر الأموال الطائلة، ونحمي الصحة العاملة من خلال الاستغناء عن استخدام الأسمدة الكيميائية التي تسبب الأمراض والسرطانات التي تكلف الدولة مليارات الليرات في تأمين الأدوية والجرعات الكيميائية للمرضى".
ودعا خليفة الشباب إلى عدم الهجرة خارج البلاد طلباً للعمل لأن الفرصة سانحة في بلادهم للبدء بمشاريع صغيرة ذات مردود كبير، وقال: "الحل بأن يبدؤوا مشاريعهم في قطاع الزراعة بهذا المشروع الصغير لتربية دودة الأرض، ويمكن أن يبدؤوا بـ 100 دودة باعتبار أن أسعار الديدان مرتفعة عالمياً 125 دولار للكيلوغرام الواحد، ومع الوقت سيكبر ستتكاثر الديدان وسيزداد إنتاجها من (الفيرمي كومبوست) و"الكاسينغ) السائل ويمكن أن يتدرج الدخل الشهري إلى أن يصل إلى مليوني ليرة سورية حسب كمية الإنتاج والتوسع بالمشروع".