انخفض سعر الليرة اللبنانية بشكل جنوني... فما هو دور الطلب السوري على الدولار؟

مشاركة


تنمية وإقتصاد

 

"إليسار نيوز" Elissar News

شهد الأمس احتجاجات وقطع طرق شملت معظم المناطق اللبنانية، مع استمرار الكثير من الطرق مقطوعا حتى صباح اليوم، مع حركة سير خجولة في كافة المناطق، وشهد سعر الدولار تقلبا غير مسبوق، وكانت الشرارة إشاعات بارتفاع سعر الدولار إلى 7 آلاف ليرة، ما أثار جوا من القلق في الاوساط الشعبية حيال ما يجري في سوق الصرف، عبر عنه الناس بالتوجه للاحتجاج والتظاهر وقطع الطرقات، إذ بقي الدولار محلقاً فوق عتبة الـ 5000 ليرة، من دون أن يُعرف تحديداً المدى الذي بلغه السعر في بعض المناطق، وفي فترات محددة، وفيما تبين ان التداول يتم بين 5300 و5400، وسَرت إشاعات، قال البعض إنها حقائق وليست شائعات، أفادت ان الدولار وصل في لحظة معينة في منطقة البقاع تحديداً الى 7 آلاف ليرة!

وقد أشار مصدر جكومي لصحيفة الجمهورية أن سعر الدولار وصل أمس إلى 4800 ليرة، وما تردد عن بلوغه سقف الـ 6000 وما فوق ليس سوى إشاعات ترمي الى الدفع في اتجاه إسقاط الحكومة، وربما حصلت عملية واحدة في السوق السوداء بهذا السعر".

الدور السوري

بالمقابل أشارت الصحيفة نقلا عن مصدر حكومي لم يتم ذكر اسمه، عن أسباب هذا التقلب غير المسبوق في سعر الليرة، سواء كان حقيقيا أو مفتعلا بأن "هناك عوامل عدة تقف خلف الهبوط الكبير في سعر صرف الليرة، من بينها التلاعب الحاصل في السوق لأسباب مصلحية وسياسية، وتسريب مبالغ من الدولار الى سوريا التي تمر بدورها في أزمة اقتصادية ومالية حادة، وعدم دخول عملة صعبة الى لبنان نتيجة الاستمرار في إقفال المطار وصعوبة التحويلات من المغتربين، وافتقار مصرف لبنان الى القدرة على التدخل الواسع في السوق تجنباً لاستنزاف مخزونه من الدولار، حيث انه يكتفي بضَخ مبالغ محدودة لا تكفي لمعالجة الخلل وتلبية الطلب".

وفي المعلومات، ان الطلب على الدولار ازداد في اليومين الأخيرين، وبات هناك طلب محلي وطلب سوري على العملة الخضراء. ويتجنب السوريون شراء الدولار مباشرة من السوق اللبنانية، ويكلفون "متعهدين" يجمعون لهم الدولار حيث يتوافَر.
وتقضي الخطة المتبعة بأن يبقى المتعهد على تواصل مع الزبون السوري الذي يبحث عن دولارات، ويعطيه السعر المعروض اولاً بأول، وكلما وافقَ الزبون على سعر جديد أعلى وباشَر المتعهد الشراء، كلما ارتفع سعر الدولار في السوق. ويَتبِع المتعهدون وسائل تَخَفٍ مبتكرة للافلات من الرقابة الامنية المشددة المفروضة على تجارة الدولار في السوق السوداء.

الصرافون الشرعيون


وهذا الوضع جعل الصرافين الشرعيين والمرخصين بلا عمل، حيث لم يعد ممكناً شراء الدولار وبيعه على السعر الذي حَددته نقابة الصرافين أمس بين 3890 و3940 ليرة، ويتجه من لديه دولارات لشرائه من السوق السوداء.

نقابة الصرافين

في هذا المجال، قال عضو نقابة الصرافين في لبنان محمود حلاوي لـ"الجمهورية": "نحن كصرافين شرعيين ملتزمين غير معنيين بالاسعار التي يتم تداولها عبر المواقع الالكترونية والـsocial media ، الى درجة اننا نشكّ في ان يكون وراءها نيّات لضرب العملة الوطنية، وما حصل في الساعات الاخيرة غير بريء ويذكّرنا بما حصل منذ نحو شهر ونصف الشهر عندما سجل الدولار ارتفاعاً بنسبة 25 بالمئة في يوم واحد".
وناشَد حلاوي التجار "عدم تشجيع السوق السوداء بشراء ما يحتاجون من الدولارات، وانتظار تسيير مصرف لبنان للأمور"، معولاً على "الاجتماع الذي سيحصل في السرايا الحكومية الاثنين المقبل مع رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء المعنيين والأجهزة الامنية المعنية لوضع حدّ لهذا التدهور". واضاف: "كذلك نعوّل على مصرف لبنان المركزي لتفعيل الآلية المقترحة وتسهيل تسليم الدولار الى الصيارفة من دون تعقيدات لتلبية حاجات السوق". والى حينه أقرّ حلاوي "انّ السوق السوداء استطاعت ان ترمي الصرافين المرخصين الملتزمين بأسعار النقابة الى خارج التداول، وعدم التمكن في أداء دورهم الطبيعي في تأمين حاجات الشركات المستوردة والمواطنين".

رأي خبير مالي

وقال الخبير المالي نائب حاكم مصرف لبنان السابق سعد العنداري لموقع "الأنباء" إن ما أوصل البلد الى هذا المنحى الخطير "هو الإستخفاف من قبل الحكومة بالتعاطي مع الأزمة المالية والإقتصادية الذي تظهّر في البداية في تمنّعها عن دفع مستحقات الـ "يوروبوند"، ما وضع لبنان تحت المجهر الدولي، ليأتي بعدها قانون "قيصر" وملاحقة كل متعامل مع النظام السوري أو على علاقة مع سوريا إنْ على المستوى السياسي أو على مستوى الأفراد أو المصارف، والإستخفاف أيضا في التفاوض مع صندوق النقد الدولي حيث بدا وفد لبنان يفتقر الى الخبرة والمعرفة، إضافة الى الحقد الذي ظهر من قبل رئيس الحكومة ومستشاريه على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف، وعدم وضعهم في أجواء التحضيرات للتفاوض والطلب من سلامة المشاركة في عملية التفاوض دون إطلاعه على خطة الحكومة، فكان إنسحابه من إجتماع بعبدا المالي الإثنين الماضي إشارة واضحة إلى تهميش دوره وعدم الأخذ بوجهة نظره، علما أن التفاوض مع الصندوق رهن بشخصين: وزير المال وحاكم البنك المركزي".
وسأل العنداري: "كيف يمكن لحاكم المصرف أن يتعامل مع سلطة أقدمت على سجن أحد المدراء الذي كُلف مراقبة جداول القطع؟"، كاشفا أنه وسلامة إقترحا على الحكومة "تجميد دفع مستحقات اليوروبند وجدولة الدين، لكن رئيس الحكومة رفض ذلك".
وأشار العنداري إلى أن "الأمور ذاهبة نحو تسييس الازمة كما جرى أيام الحاكم السابق ادمون نعيم، فكيف يطالب رئيس الحكومة بضخ الدولار في السوق وهو يعلم أن هناك عصابة تشتري الدولار من الصيارفة بأي سعر لتهريبه الى خارج الحدود؟ لو أنه إكتفى بتعليق سداد الديون لما وصلنا الى ما وصلنا اليه، ودياب محاط بمجموعة من المستشارين التابعين للنائب جبران باسيل ولديهم ارتباطات خارجية"، واستغرب أن "مدير عام إحدى الوزارات كان يحضر إجتماعات البنك المركزي ويوقع على كل المحاضر وينقل عن الحاكم معلومات غير دقيقة لغاية في نفس يعقوب.".
وأوضح العنداري أن الوضع "صعب ومعقد، في الماضي كان حجم التحويلات الى البلد يصل الى 15 مليار دولار في السنة، بينما اليوم حجم التحويلات صفر". وعن الفائدة من إعتماد المنصة المالية، رأى العنداري أن "عمليات الصرف تصبح شفافة وتخضع للعرض والطلب، كما تحول دون تمرير الأمور من تحت الطاولة كما يحصل اليوم، وينحصر العمل بالصرافين المرخص لهم والذين توقف معظمهم عن العمل، لأنه لا يمكنهم أن يكونوا جمعية خيرية بوجود المرابين الذين يبيعون الدولار بأسعار خيالية"، سائلا عن الأسباب التي تحول دون ملاحقة السلطات الأمنية لهم.







مقالات ذات صلة