صناعة الفراء مهددة بالفيروس... إعدام ملايين من حيوان المنك!

مشاركة


تنمية وإقتصاد

سوزان أبو سعيد ضو

وكأن الطبيعة تنتقم من البشر، لما يقومون به من ممارسات ظالمة بحق الحيوانات، فقد تم التأكد للمرة الأولى في الولايات المتحدة، من إصابة حيوانات المنك التي تربى للحصول على جلودها المستخدمة في صناعة الفراء، بفيروس كورونا Coronavirus المستجد المتسبب بعدوى (كوفيد 19) COVID-19، كما وقد أصيبت مزارع لهذا النوع من الصناعات الدموية في أوروبا بالفيروس، وقد تسبب هذا الأمر بإعدام ملايين من هذه الحيوانات البريئة، لمنع انتشار الفيروس والتي للأسف كان مصيرها الموت في الحالتين.

Mink Farming - Fur Institute of Canada Fur Institute of Canada

انتشار الفيروس

وقال مكتب وزارة الزراعة الأميركية في ولاية يوتاه الأميركية أنه تم التثبت من إصابة 5 حيوانات من مزرعتين بالعدوى، بعد ملاحظة نفوق عدد أكبر من المعتاد من حيوانات المنك في بعض هذه المزارع، وتم عزل المزارع المتضررة.

وقال الطبيب البيطري بالولاية، الدكتور دين تايلورDean Taylor، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين: "نحاول احتواء الإصابات بفيروس  SARS-CoV-2 بأقسى وأكثر التدابير حزما لجهة الأمن البيولوجي، ونعتقد أننا باكتشافنا المبكر سنتمكن من الإستفادة على المدى البعيد" وأضاف: "هذه من أكبر المزارع في الولاية".

ويوجد في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 275 من هذه المزارع موزعة على 23 ولاية، وتعد ولاية يوتاه الولاية الثانية بعد ولاية ويسكنسون كأكبر الولايات انتاجا من جلود المنك في البلاد، حيث درت هذه التجارة حوالي 300 مليون دولار سنويا في العام 2013، كما تنشط هذه المزارع في ولايات أيداهو وأوريغون أيضا.

وقالت وزارة الزراعة الأميركية أن فيروس كورونا تم اكتشافه في حيوانات المنك في ثلاثة بلدان أخرى على الأقل، وتحتل الدنمارك المرتبة الأولى في هذا المجال وتنتج 28 بالمئة من الإنتاج العالمي، وتحل الصين في المرتبة الثانية فبولندا وبعدها هولندا.

أما في إسبانيا وقد تم إعدام 94 ألف حيوان، وفي الدنمارك أفيد عن إعدام 11 ألفا،  أما هولندا التي لديها 160 مزرعة فقد تم إعدام أكثر من 1.1 مليون حيوان من 27 مزرعة بعد اكتشاف الفيروس فيها.

حظر زراعة الفراء

علما أن هناك قانونا أقره البرلمان الهولندي في 2012 يحظر زراعة الفراء اعتبارًا من 2024 لأسباب أخلاقية، ومن المتوقع أنه قد يُسمح للمزارعين المتضررين بإعادة فتح مزارعهم لمدة 3 سنوات أخرى إذا أظهرت الاختبارات بشكل قاطع أن الفيروس قد اختفى - أو يمكنهم التوقف منذ الآن، كما وتبنى البرلمان الهولندي الشهر الماضي اقتراحا من الحزب الهولندي لأجل الحيوانات يدعو إلى إغلاق أسرع.

وبسبب الممارسات القاسية في إعدام هذه الحيوانات، حيث يجري استعمال مزيج من غازي أول وثاني أوكسيد الكريون carbon monoxide and dioxide gas في هذا المجال، ومن المعروف أن هذه الحيوانات هي semi aquatic، أي تستطيع حبس أنفاسها لفترة طويلة، فقد قد قام عدد من البلدان بالفعل بحظر زراعة الفراء بما في ذلك المملكة المتحدة (في عام 2000) والنمسا وكرواتيا، وتقوم سلوفاكيا والنرويج وبلجيكا بإلغائها تدريجياً، مثل هولندا ، كما أن الحظر قيد الدراسة في أيرلندا والجبل الأسود وبلغاريا وليتوانيا وأوكرانيا وإستونيا.

European mink - Tallinna loomaaed

قبل الوباء، قالت منظمة هيومان سوسيتي الدولية Humane Society International (HSI)، وهي منظمة حقوقية غير حكومية لرعاية الحيوانات، إن بياناتها أظهرت تراجع زراعة الفراء على مستوى العالم ، ويرجع ذلك أساسًا إلى انخفاض الطلب والحظر على هذه الممارسة.

في غضون ذلك، أصبحت ماركات الأزياء الكبرى خالية من الفراء. جاء أحدث إعلان من Prada Group في عام 2019، بالتوقف تماما، كما أعلن جان بول غوتييه Jean Paul Gaultier عن التوقف عن استخدام الفراء في عام 2018 ، لكنه قال مؤخرًا إنه قد يعود إذا تحسنت إمكانية المتابعة. تشمل بيوت الأزياء الأخرى الخالية من الفراء مايكل كورس Michael Kors وغوتشي Gucci وأرماني Armani وهوغو بوس Hugo Boss.

ويعتقد أن هذه الحيوانات قد أصيبت بالعدوى من العاملين في المزرعة، ولم يتم التثبت من انتقال الإصابة إلى البشر من هذه الحيوانات.

على الرغم من إصابة بعض العاملين في مزارع يوتاه المتضررة من فيروس كورونا، إلا أن وزارة الزراعة الأميركية أكدت في بيان: "لا يوجد حاليًا أي دليل على أن الحيوانات، بما في ذلك المنك، تلعب دورًا مهمًا في انتشار الفيروس إلى البشر".

رأي علمي

يقول Wim van der Poel من جامعة Wageningen & Research ، في مختبر الصحة الحيوانية التابع لها، إن "تعرض المنك Neovison vison للإصابة بفيروس كورونا لم يكن مفاجئًا ، لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنمس والقوارض، (وغالبًا ما تستخدم حيوانات (النمس)  Ferretكنماذج لدراسة أمراض الجهاز التنفسي، لأنها غالبًا ما تصاب بنفس فيروسات الجهاز التنفسي مثل البشر ، وتُظهر رئاتها والمجاري الهوائية التنفسية لديها تشابهًا فسيولوجيًا مذهلاً مع الإنسان، فالنمس أقرب بيولوجيًا وفسيولوجيًا للبشر من الفأر أو الجرذ)، لذا يمكن أن يصاب كل من المنك والقوارض أيضًا بفيروس الأنفلونزا البشرية، ومثل البشر، وقد لا تظهر على المنك المصاب أي أعراض، أو من الممكن أن يصاب بمشاكل خطيرة ، بما في ذلك الالتهاب الرئوي، وللمفارقة، فقد كان معدل النفوق نتيجة الإصابة بالفيروس ضئيلاً في إحدى المزارع، بالمقابل كانت نسبة الإصابة حوالي 10 بالمئة في مزرعة أخرى".

تقول ماريون كوبمانز عالمة الفيروسات من مركز إيراسموس الطبي في روتردام: "هذا غريب - نحن لا نفهم هذا الأمر حقًا". وقد تم العثور على الفيروس لدى القطط البرية التي تجوب المزارع وتسرق طعام المنك، ما يثير الشكوك بأنها ربما قد نقلت العدوى لحيوانات المنك، وقد نشر الباحثون نسخة أولية في 18 أيار/مايو. وتم نشر بحثهم فيما بعد في المجلة العلمية Eurosurveillance في 11 حزيران/يونيو.

الصورة الرئيسية: عن الغارديان Diego Azubel/EPA







مقالات ذات صلة