على الرغم من الإغلاق والوباء... غازات الإحتباس الحراري بمستويات قياسية!
رصد وترجمة: سوزان سامي أبو سعيد
ذكرت الأمم المتحدة، يوم الإثنين، إن الغازات المتسببة بالإحتباس الحراري "غازات الدفيئة" Greenhouse Gases في الغلاف الجوي، وهي المحرك الرئيسي لتغير المناخ، سجلت مستويات قياسية العام الماضي واستمرت في الارتفاع في عام 2020 على الرغم من الإجراءات الرامية إلى وقف جائحة كوفيد -19.
في هذا المجال، رحب رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) بيتيري تالاس بتعهد العديد من البلدان بالتركيز على التقنيات الصديقة للمناخ في سعيها لإنعاش اقتصاداتها بعد أزمة فيروس كورونا.
وفي حديثه للصحفيين، أعرب أيضًا عن تفاؤله بشأن تعهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بإعادة بلاده إلى اتفاقية باريس للمناخ، قائلاً إنه يأمل أن يكون لها "تأثير الدومينو وأن تحفز أيضًا بعض البلدان الأخرى".
لكن وكالة الأمم المتحدة دحضت المفاهيم القائلة بأن عمليات الإغلاق والإجراءات الأخرى لكبح الوباء، يمكن أن تصلح لوحدها في الحد من بعض الأضرار الناجمة عن انبعاثات غازات الإحتباس الحراري المتزايدة باستمرار في العقود الأخيرة.
وبينما تقلصت الانبعاثات هذا العام، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن هذا لم يحد من التركيزات القياسية لغازات الدفيئة التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر، ويؤدي إلى حدوث أحداث مناخ متطرفة.
وقال تالاس: "إن الانخفاض المرتبط بالإغلاق على الانبعاثات هو مجرد صورة صغيرة على الرسم البياني طويل المدى، نحن بحاجة إلى العمل على تسطيح مستمر للمنحنى."
وقالت النشرة السنوية الرئيسية لغازات الاحتباس الحراري الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) إن "التقديرات الأولية تشير إلى انخفاض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون اليومية بنسبة تصل إلى 17 بالمئة على مستوى العالم خلال أشد فترات الإغلاق"، وأضافت أنه "من المتوقع أن يكون التأثير السنوي تراجعا بين 4.2 و 7.5 بالمئة".
وأشارت المنظمة إلى أن "هذا لن يؤدي إلى انخفاض تركيزات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي"، محذرة من أن التأثير على التركيزات "ليس أكبر من التقلبات العادية من عام لآخر."
معمل الزوق الحراري في لبنان
وتابعت المنظمة "تركيزات ثاني أوكسيد الكربون ستستمر في الارتفاع، وإن كان ذلك بوتيرة منخفضة بشكل طفيف، مضيفة أن الوتيرة لن تكون أكثر من 0.23 جزء في المليون (PPM) في السنة أبطأ من المسار السابق - في حدود 1.0 جزء في المليون الطبيعي، كتغير سنوي".
وتعتبر الإنبعاثات العامل الرئيسي الذي يحدد مقدار مستويات غازات الاحتباس الحراري ولكن معدلات التركيز هي مقياس لما يتبقى بعد سلسلة من التفاعلات المعقدة بين الغلاف الجوي والغلاف الحيوي والغلاف الصخري والغلاف الجليدي والمحيطات.
ويعد ثاني أوكسيد الكربون أهم غازات الدفيئة طويلة العمر في الغلاف الجوي المرتبطة بالأنشطة البشرية، وهو مسؤول عن ما يقرب من ثلثي ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وقد أدرجت نشرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي في عام 2019 عند 410 جزء في المليون، وقد سجلت ارتفاعًا من 407.8 جزء في المليون في عام 2018، وقالت إن الارتفاع استمر هذا العام.
وأشار تالاس إلى أن العالم تجاوز العتبة العالمية البالغة 400 جزء في المليون في عام 2015، محذرا من أنه "بعد أربع سنوات فقط، تجاوزنا 410 جزء في المليون، ولم نشهد مثل هذا المعدل من الزيادة في تاريخ سجلاتنا".
وقالت وكالة الأمم المتحدة إنه منذ عام 1990، كانت هناك زيادة بنسبة 45 بالمئة في ما يسمى بالتأثير الإشعاعي، وهو تأثير الاحتباس الحراري على المناخ بسبب غازات الاحتباس الحراري.
وقال تالاس: "يبقى ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي لقرون وفي المحيط لفترة أطول"، وتابع: "آخر مرة شهدت فيها الأرض تركيزًا مشابهًا لثاني أوكسيد الكربون كانت قبل ثلاثة إلى خمسة ملايين سنة".
وثاني أكثر غازات الاحتباس الحراري انتشارًا في الغلاف الجوي هو الميثان - المنبعث جزئيًا من الماشية والتخمير من حقول الأرز - وهو المسؤول عن حوالي 16 بالمئة من الاحترار.
في العام 2019، كانت مستويات الميثان عند 260 بالمئة من مستويات ما قبل الصناعة، عند 1،877 جزءًا في المليار (ppb).
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن الارتفاع عن قياس 2018 كان أقل قليلاً من الزيادة السنوية السابقة، لكنه لا يزال أعلى من متوسط العشر سنوات.
في غضون ذلك، بلغت تركيزات أكسيد النيتروز NO2، ثالث غازات الاحتباس الحراري الرئيسية التي تسببها الأسمدة الزراعية، 332 جزء في المليار العام الماضي، أو 123 بالمئة فوق مستويات ما قبل الصناعة.
كان ارتفاعه من 2018 إلى 2019 أيضًا أقل من ذلك الذي لوحظ في الفترة من 2017 إلى 2018، ولكن على قدم المساواة مع متوسط معدل النمو السنوي على مدى العقد الماضي.
بتصرف عن: The Jakarta Post, DW ووكالات