صرخة مواطن... تفتح ملف تلوث مولدات الكهرباء في لبنان!
سوزان أبو سعيد ضو
أمام المافياويات (جمع مافيا) أو اللوبيات (جمع لوبي) الموجودة في لبنان، لعل مجموعة مالكي الموتيرات (المولدات) هي الأقوى، والتي تتحكم بمصائر ونوعية حياة الناس، حيث حل المولدات المؤقت تحول دائما، مع الفساد في القطاع العام للكهرباء، فلا يوجد منزل في لبنان يخلو من خط للموتير فضلا عن خط الكهرباء، هذا إن لم يتوفر أيضا خطا للبطارية وشاحنها، أي ثلاثة مصادر للكهرباء أسوة بمصادر مياه المنازل من شرب وغيره، والهاتف والإنترنت، تشترك جميعها في استنزاف أموال المواطن، إنما في حالة المولدات فإن تلوثها، يصب في خانة تهديد الصحة والسلامة العامة، خصوصا وأن الصرخة التي رفعها مواطنون، هي حيال مولد موجود في بناية سكنية مع خزانات مازوت، ما يعيد للأذهان ذكرى انفجار الطريق الجديدة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، الذي تسبب به مولد مشابه.
صرخة مواطن
وقد أطلق الصرخة المواطن مصطفى موسى عبر تغريدة على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، متوجها من وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، وبلدية الحدث، موثقا بالصور، ما ينبعث من المولد المذكور من سخام وأوساخ، تصل إلى منزله في الطابق الأول من البناية التي توجد فيها مؤسسة دياب لصاحبها حسن دياب، وهو صاحب المولد وخزانات المازوت الموجودة في المبنى نفسه أيضا.
وذكر موسى أن سكان المبنى توجهوا من محافظ جبل لبنان بشكوى على شكل عريضة وقع عليها مالكي الأقسام بلوك C من العقار 32، منطقة الحدث، حملت الرقم 175/ش/2020، بتاريخ 3 آذار (مارس) 2020، أشاروا فيها إلى المخالفات الموصوفة لهذا المولد (وهما مولدان وفقا للشكوى)، منها قيام أصحاب المولدين بفتح نافذة مع مراوح، خلف المبنى، وفي موقف السيارات، تقوم بإخراج السخام والدخان الأسود، إلى الخارج، ملوثة النوافذ والشرفات والألبسة المعلقة عليها، فضلا عن مراوح من أمام المبنى حرم السكان من الوقوف على شرفاتهم نتيجة الغازات المنبعثة والدخان والسخام الأسودين، بالإضافة إلى تمديد قساطل وتثبيتها على حائط المبنى ما يتسبب بارتفاع في درجات الحرارة صيفا، فضلا عن التعدي على الحق المشترك من حائط المبنى والسطح المشترك وتلويثهما وخزانات المياه بالغازات والسخام والدخان الملوثة.
ولفت أصحاب الشكوى إلى الضجيج المرافق فضلا عن الخطر الذي يتسبب بهما المولدان وخزانات المازوت، ودعوا فيها المحافظ إزالة هذه المخالفات وبالسرعة القصوى، لما تشكله من ضرر صحي وبيئي وخطر على السكان.
إلا أنه وفقا لموسى، أن ثمة عريضة رفعت من سنتين، ووصلت لأعلى المستويات ولكن (واسطة) الحاج كانت اقوى! شاكيا من الصوت القوي والسخام الذي يلوّث غرفة نوم أطفاله، مؤكدا متابعته الموضوع قانونيا.
ردود على التغريدة
وتفاعل المواطنون مع التغريدو، كما جاء ردان على تويتر أحدهما من مؤسسة دياب، على لسان حنين دياب يوم أمس، شكرت فيها كاتب المنشور،واهتمام المؤسسة بمطالبهم، وأن راحة السكان هي راحة المؤسسة، وغردت "على العلم أن جميع الجيران تشهد لنا بالكفاءة والجودة، وفي المرة الماضية تجاوبنا مع متطلباتهم وقمنا بالتواصل مع الدفاع المدني و قمنا بأعادة تركيب ما يلزم لمتطلبات السلامة العامة والشروط البيئية، وهذا هو حال جميع المؤسسات الخاصة في لبنان، لاسيما في المناطق السكنية.اذ لا يوجد اي تسهيلات من قبل الدولة، ونكرر اننا جميعا تحت القانون، على أمل تخفيف العبارات التي تحقن النفوس بين الجيران".
وجاءت التغريدة الثانية من حساب قوى الأمن الداخلي على "تويتر"، وجاء فيها: "نشكر تواصلكم يتم متابعة الشكوى، الرجاء تزويدنا برقم الهاتف عبر رسالة خاصة لنتمكن من المتابعة".
وتشكل هذه المولدات قنابل موقوتة في المناطق السكنية، وبؤرة تلوث تضيف إلى مصادر التلوث المختلفة في لبنان، وأنه كان يوجد في لبنان 86785 مولدا قدرة معظمها 75 كيلوواط، ويزداد عددها سنويا بسبب زيادة الطلب عليها.
تقرير علمي
ومن الجدير ذكره، أن الحلول موجودة، طبقا لتقرير أصدرته منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال افريقيا اليوم تحت عنوان "لا مزيد من الأعذار: آن الاوان لتبني الطاقة المتجددة"، تولد المولدات الخاصة ما يوازي 750 ميغاواط من الكهرباء، وأن الطاقة المتجددة، إن أمكن استثمارها بالصورة المطلوبة فلن تخفف من التلوث فحسب، بل تسدد العجز في ملف الكهرباء الذي توازي مديونيته نصف مديونة لبنان.
ويُقدّر عدد الوفيات المبكرة سنويًا في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحوالي 65,000 حالة جرّاء تلوّث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري، أما في لبنان، فقد بلغ متوسط العدد التقديري للوفيات المبكرة في لبنان 2,700 حالة في العام 2018، نتيجة تلوّث الهواء بسبب الوقود الأحفوري، أي بمعدّل 4 وفيات لكل من 10 آلاف شخص، وهي من أعلى المعدلات في المنطقة إلى جانب مصر.