الصنارة

عودة "داعش"... الدور الوظيفي للإرهاب لم ينتهِ!
أنور عقل ضو
أمعن تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي "داعش" قتلا وتدميرا في العراق وسوريا وليبيا واليمن، فيما العالم كان العالم ولا يزال مستقيلا من مسؤوليته الإنسانية والأخلاقية، ومثل هذا التراخي سمح مؤخرا بعودة "التنظيم" إلى سوريا والعراق.
ولنعد بالذاكرة إلى ما شهدته مدينة الموصل العراقية سنة 2014، عندما هجر "داعش" عشرين ألف عائلة مسيحية، يومها جاء موقف الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند فاضحا، معلنا استعداد بلاده استقبال مسيحيي الموصل في فرنسا، وهذا يعني ضمنا القبول باقتلاعهم من جذورهم في بلاد الرافدين، فلم تدعُ باريس لحشد تحالف دولي لإنقاذ المسيحيين والأقليات الإثنية والدينية كالأكراد والأيزيديين والآشوريين التي أبيدت في العراق وسوريا، وبدا يومها وكأن أقصى ما تطمح إليه فرنسا هو اقتسام "كعكة" التزامات إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب مع الولايات المتحدة وبريطانيا، دون أن ننسى أن فرنسا "المتساهلة" استهدفت من تنظيم الدولة عندما تعرضت العاصمة الفرنسية لعمليات إرهابية، جرى توصيفها على أنها "11 أيلول (سبتمبر) فرنسي".
مذابح اركبت على مرأى من الدول العظمى، ولم يرف لرؤسائها جفن حيال الانتهاكات والمجازر، لا بل في مكانٍ ما نجد أن الغرب المتواطىء، رسم سابقا حدود "اللعبة"، أبعد من ذلك، تحدث الغرب عن تجفيف موارد "داعش"، وهو الذي ساعد في صعود هذا التنظيم الظلامي خلف كواليس السياسة، ليخلق منه "فزاعة" لإضعاف كل القوى في المنطقة، بما يسهل السيطرة عليها لاحقا، بعد أن يستنفد المتحاربون إمكانياتهم، فتطالب الدول المدمَّرة بمجيء الغرب "المنقذ"، هذا الغرب الذي لا يتوانى عن ترك الأقليات تذبح، والنساء تسبى وتغتصب وتباع، ليوفر فرصا أفضل للسيطرة على المنطقة ومواردها.
كل ذلك يعني أننا أمام مأساة مستمرة لأجل غير مسمى، طالما أن العالم متواطىء، لا يرسم حدودا إنسانية لرفع الظلامة عن شعوب تقتل وتباد، وما عودة "داعش" مجددا إلا فصلا جديدا من فصول الجريمة، والدور الوظيفي للإرهاب لم ينتهِ بعد!